١٣
مسألة
[القول في أولى العاملين بالعمل في التنازع](١)
ذهب الكوفيون في إعمال الفعلين ، نحو «أكرمني وأكرمت زيدا ، وأكرمت وأكرمني زيد» إلى أن إعمال الفعل الأول أولى ، وذهب البصريون إلى أن إعمال الفعل الثاني أولى.
أما الكوفيون فاحتجوا بأن قالوا : الدليل على أن إعمال الفعل الأول أولى النقل ، والقياس.
أما النقل فقد جاء ذلك عنهم كثيرا ، قال امرؤ القيس :
[٣٩] فلو أنّ ما أسعى لأدنى معيشة |
|
كفاني ، ولم أطلب ، قليل من المال |
______________________________________________________
[٣٩] ـ البيت كما قال المؤلف من قصيدة لامرىء القيس بن حجر الكندي ؛ مطلعها قوله :
ألا عم صباحا أيها الطلل البالي |
|
وهل يعمن من كان في العصر الخالي؟ |
وقد استشهد بالبيت رضي الدين في باب التنازع ، وشرحه البغدادي (١ / ١٥٨) وابن هشام في مغني اللبيب (رقم ٤١٧ بتحقيقنا) وفي شرح قطر الندى (رقم ٨١) والأشموني (رقم ٤٠٧) وسيبويه (١ / ٤١) وابن يعيش (ص ٩٥) وسيذكر المؤلف فيما يلي البيت التالي لهذا البيت من القصيدة ، و «لو» حرف شرط يدل على امتناع الشرط ، وفهم الامتناع منه كالبديهي ، فإن كل من سمع قائلا يقول «لو كان كذا» أو «لو فعل فلان كذا» فهم عدم وقوع الفعل من غير تردد ، ولهذا يصح في كل موضع استعملت فيه لو أن تعقبه بحرف الاستدراك داخلا على فعل الشرط منفيا لفظا أو معنى ، تقول «لو جاءني أكرمته ، لكنه لم يجىء» ومنه قول الشاعر :
فلو كان حمد يخلد الناس لم تمت |
|
ولكن حمد الناس ليس بمخلد |
وقول الحماسي :
ولو طار ذو حافر قبلها |
|
لطارت ، ولكنه لم يطر ـ |
__________________
(١) انظر في شرح هذه المسألة : حاشية الصبان على الأشموني (٢ / ٨٧ بولاق) وتصريح الشيخ خالد (١ / ٣٨٦ بولاق) وشرح الأشموني (٢ / ٣١٠ بتحقيقنا) ، وشرح المفصل لابن يعيش (ص ٩٤ أوربة) وشرح الرضي على الكافية (١ / ٧٠).