٩
مسألة
[القول في تقديم الخبر على المبتدأ](١)
ذهب الكوفيون إلى أنه لا يجوز تقديم خبر المبتدأ عليه ، مفردا كان أو جملة ؛ [فالمفرد] نحو «قائم زيد ، وذاهب عمرو» والجملة نحو «أبوه قائم زيد ، وأخوه ذاهب عمرو». وذهب البصريون إلى أنه يجوز تقديم خبر المبتدأ عليه المفرد والجملة.
أما الكوفيون فاحتجوا بأن قالوا : إنما قلنا إنه لا يجوز تقديم خبر المبتدأ عليه مفردا كان أو جملة لأنه يؤدي إلى أن تقدّم ضمير الاسم على ظاهره ، ألا ترى أنك إذا قلت «قائم زيد» كان في قائم ضمير زيد؟ وكذلك إذا قلت «أبوه قائم زيد» كانت الهاء في أبوه ضمير زيد ؛ فقد تقدم ضمير الاسم على ظاهره ، ولا خلاف أن رتبة ضمير الاسم بعد ظاهره ؛ فوجب أن لا يجوز تقديمه عليه.
وأما البصريون فاحتجوا بأن قالوا : إنما جوّزنا ذلك لأنه قد جاء كثيرا في كلام العرب وأشعارهم ؛ فأما ما جاء من ذلك في كلامهم فقولهم في المثل «في بيته يؤتى الحكم» وقولهم «في أكفانه لفّ الميت» و «مشنوء من يشنؤك» وحكى سيبويه «تميميّ أنا» فقد تقدم الضمير في هذه المواضع كلها على الظاهر ؛ لأن التقدير فيها : الحكم يؤتى في بيته ، والميت لف في أكفانه ، ومن يشنؤك مشنوء ، وأنا تميميّ ، وأما ما جاء من ذلك في أشعارهم فنحو ما قال الشاعر :
[٢٧] بنونا بنو أبنائنا ، وبناتنا |
|
بنوهنّ أبناء الرّجال الأباعد |
______________________________________________________
[٢٧] ينسب قوم هذا البيت للفرزدق همام بن غالب ، والأكثرون على أنه لا يعرف قائله مع كثرة استشهاد العلماء به في كتب النحو والبلاغة والفرائض ، وألفاظه ومعناه في غاية الوضوح. وقد استشهد به الرضي في شرح الكافية (١ / ٨٧) والأشموني في شرح الألفية (رقم ١٥٣)
__________________
(١) انظر في هذه المسألة : شرح ابن يعيش على المفصل (ص ١١٢ وما يليها ط أوربة) وشرح الرضي على الكافية (١ / ٨٧ وما يليها) وحاشية الصبان على الأشموني (١ / ٢٠٢ بولاق) وشرح الأشموني (١ / ٢٨١ وما بعدها بتحقيقنا) والتوضيح ١ / ٢٠٣ وما بعدها بولاق).