٣٥
مسألة
[هل تكون «إلا» بمعنى الواو]؟ (١)
ذهب الكوفيون إلى أن «إلا» تكون بمعنى الواو. وذهب البصريون إلى أنها لا تكون بمعنى الواو.
أما الكوفيون فاحتجوا بأن قالوا : إنما قلنا ذلك لمجيئه كثيرا في كتاب الله تعالى وكلام العرب ، قال الله تعالى : (لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ) [البقرة : ١٥٠] أي ولا الذين ظلموا ، يعني والذين ظلموا لا يكون لهم أيضا حجة ، ويؤيد ذلك ما روى أبو بكر بن مجاهد عن بعض القراء أنه قرأ : (إلى الّذين ظلموا) مخففا يعني مع الّذين ظلموا منهم ، كما [١٢٣] قال تعالى : (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) [المائدة : ٦] أي مع المرافق ومع الكعبين ، وكما قال تعالى : (مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ) [آل عمران : ٥٢] أي مع الله ، وكما قال تعالى : (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ) [النساء : ٢] أي مع أموالكم ، وكقولهم في المثل : «الذّود إلى الذّود إبل» أي مع الذود ، وكقول ابن مفرّغ :
[١٥٦]شدخت غرّة السّوابق فيهم |
|
في وجوه إلى اللّمام الجعاد |
______________________________________________________
[١٥٦] هذا البيت من كلام ابن مفرغ الحميري ، واسمه يزيد بن ربيعة ، وقد روى ابن منظور هذا البيت في اللسان مرتين ، أولاهما : في (ش د خ) وقال قبل إنشاده «وقال الراجز» وهذا سبق قلم منه ؛ فإن البيت من الخفيف ، وليس رجزا ، وثانيتهما : في (ل م م) ونسبه إلى ابن مفرغ. وشدخت : أي اتسعت في الوجه ، قال أبو عبيدة : «يقال لغرة الفرس إذا كانت مستديرة : وتيرة ، فإذا سالت وطالت فهي شادخة» اه. والغرة ـ بضم الغين وتشديد الراء ـ بياض في جبهة الفرس ، والسوابق : جمع سابق ، وأصله الفرس يأتي في الحلبة سابقا ،
__________________
(١) انظر في هذه المسألة : مغني اللبيب (ص ٧٣ بتحقيقنا) وحاشية الصبان على الأشموني (٢ / ١٢٧ بولاق) وتصريح الشيخ خالد الأزهري (١ / ٤٢٢ بولاق) وشرح الرضي على الكافية (١ / ٢١٣).