أي مع اللّمام ، وقال ذو الرّمّة :
[١٥٧]* بها كلّ خوّار إلى كلّ صعلة*
أي مع كل صعلة ، وقال تعالى : (لا يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ) [النساء : ١٤٨] أي ومن ظلم لا يحب أيضا الجهر بالسوء (١) منه ، إلى غير ذلك من المواضع ثم قال الشاعر :
[١٥٨] وكلّ أخ مفارقه أخوه |
|
لعمر أبيك إلّا الفرقدان |
______________________________________________________
واللّمام : جمع لمّة ، وتجمع أيضا على لمم ـ بكسر اللام في المفرد وفي جميعه ـ واللمة : الشعر إذا نزل من الرأس فجاوز شحمة الأذن ، وكان لرسول الله صلىاللهعليهوسلم فرس يقال له : ذو اللمة ، والجعاد : جمع جعدة ـ بفتح فسكون ـ وهي أنثى الجعد ، والجعد : ضد السبط ، والسبط : المسترسل من الشعر ، وجعودة الشعر هي الغالبة على شعور العرب ، وعلى هذا يمدح الرجل بأنه جعد الشعر ، تعني أنه عربي ، فإذا أردت أن شعره مفلفل كشعر الزنج كان ذما. والاستشهاد بالبيت في قوله «إلى اللمام» فإن إلى ههنا تدل على معنى مع ، وأقوى ما يدل على ذلك أن الرواية في اللسان (ل م م) «مع اللمام الجعاد» وإذا جاءت كلمة في إحدى الروايات مكان كلمة في رواية أخرى دل ذلك على أن الكلمتين بمعنى واحد.
[١٥٧] هذا صدر بيت من كلام ذي الرمة غيلان بن عقبة ، وعجزه قوله :
* ضهول ورفض المذرعات القراهب*
وقد أنشد ابن منظور هذا البيت في اللسان (ص ع ل ـ ض ه ل) ونسبه إلى ذي الرمة ، ثم قال «قال ابن بري : الصعلة النعامة ، والخوار : الثور الوحشي الذي له خوار ـ وهو صوته ـ وضهول : تذهب وترجع ، والمذرعات من البقر : التي معها أولادها ، والقراهب : جمع قرهب ـ بوزن جعفر ـ وهو المسن مطلقا ، ويقال : الكبير الضخم من الثيران ، والقرهب أيضا : السيد ، والاستشهاد بالبيت في قوله «إلى كل صعلة» فإن إلى في هذا الموضع تدل على معنى مع ، وهو ظاهر إن شاء الله.
[١٥٨] هذا البيت من شواهد سيبويه (١ / ٣٨١) وقد نسبه إلى عمرو بن معديكرب ، وقال الأعلم «ويروى لسوار بن المضرب» اه ، وأنشده الجاحظ في البيان (١ / ٢٢٨) منسوبا إلى عمرو ، والبيت من شواهد الأشموني (رقم ٤٥٣) ومغني اللبيب (رقم ١٠٨) ورضي الدين في شرح الكافية في باب الاستثناء ، وشرحه البغدادي في الخزانة (٢ / ٥٢ بولاق). وقال : إن هذا البيت يروى في شعرين لشاعرين ، أحدهما : عمرو بن معديكرب ، والثاني : حضرمي بن عامر أحد بني أسد ، واستشهد به أيضا موفق الدين بن يعيش في شرح
__________________
(١) الأشهر في تفسير هذه الآية أن «إلا» فيها استثنائية ، واستمع إلى جار الله يقول : «إلا من ظلم ، أي إلا جهر من ظلم ، استثنى من الجهر الذي لا يحبه الله جهر المظلوم ، وهو أن يدعو على الظالم ويذكره بما فيه من السوء ، وقيل : هو أن يبدأ بالشتيمة فيرد على الشاتم» اه.