٥٤
مسألة
[هل تقع «من» لابتداء الغاية في الزمان؟](١)
ذهب الكوفيون إلى أنّ «من» يجوز استعمالها في الزمان والمكان.
وذهب البصريون إلى أنه لا يجوز استعمالها في الزمان.
أما الكوفيون فاحتجوا بأن [١٦٤] قالوا : الدليل على أنه يجوز استعمال «من» في الزمان أنه قد جاء ذلك في كتاب الله تعالى وكلام العرب ، قال الله تعالى : (لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ) [التوبة : ١٠٨] و (أَوَّلِ يَوْمٍ) من الزمان ، [و] قال الشاعر ، وهو زهير بن أبي سلمى :
[٢٣٢] لمن الدّيار بقنّة الحجر |
|
أقوين من حجج ومن دهر |
______________________________________________________
[٢٣٢] هذا البيت مطلع قصيدة لزهير بن أبي سلمى المزني يمدح فيها هرم بن سنان المري ، وقد استشهد بهذا البيت ابن يعيش في شرح المفصل (ص ١٠٧٥) والرضي في شرح الكافية (٢ / ٢٩٨) وشرحه البغدادي في الخزانة (٤ / ١٢٦) والأشموني (رقم ٥٦٧) وابن هشام في أوضح المسالك (رقم ٣٠٠) والاستفهام في قوله «لمن الديار» للتعجب من شدة خراب هذه الديار حتى كأنها لا تعرف ولا يعرف أصحابها ، والقنة : أعلى الجبل ، والحجر ـ بكسر فسكون ـ منازل ثمود عند وادي القرى من ناحية الشام ، وأقوين : أقفرن وخلون ، والحجج : جمع حجة ـ بكسر الحاء ـ وهي السنة ، والدهر : الأبد الممدود ، ومحل الاستشهاد بالبيت في قوله «من حجج ومن دهر» فإن الكوفيين رووا هذه العبارة على هذا الوجه ، واستدلوا بها على أنه يجوز استعمال «من» لابتداء الغاية الزمنية كما يجوز أن تجيء لابتداء الغاية المكانية ، والبصريون ينكرون هذه الرواية ويزعمون أن الرواية الصحيحة في هذا البيت «أقوين مذحجج ومذدهر» بل إن من العلماء من أنكر أن زهيرا قال هذا البيت ، وزعم أن زهيرا بدأ قصيدته بقوله :
دع ذا وعد القول في هرم |
|
خير البداة وسيد الحضر |
__________________
(١) انظر في هذه المسألة : شرح الأشموني مع حاشية الصبان (٢ / ١٨٤) وتصريح الشيخ خالد الأزهري (٢ / ٩ بولاق) وشرح ابن يعيش على المفصل (ص ١٠٧٥) وشرح الرضي على الكافية (٢ / ٢٩٨).