٥٩
مسألة
[القول في أيمن في القسم ، مفرد هو أو جمع؟](١)
ذهب الكوفيون إلى أن قولهم في القسم «أيمن الله» جمع يمين. وذهب البصريون إلى أنه ليس جمع يمين ، وأنه اسم مفرد مشتق من اليمن.
أما الكوفيون فاحتجوا بأن قالوا : الدليل على أن «أيمن» جمع يمين أنه على وزن أفعل ، وهو وزن يختص به الجمع ، ولا يكون في المفرد ، يدل عليه أن التقدير في قولهم «أيمن الله» أي : عليّ أيمن الله ، أي أيمان الله عليّ فيما أقسم به ، وهم يقولون في جمع يمين «أيمن» قال زهير :
[٢٦١] فتجمع أيمن منّا ومنكم |
|
بمقسمة تمور بها الدّماء |
______________________________________________________
[٢٦١] هذا البيت لزهير بن أبي سلمى كما قال المؤلف (الديوان ٧٨ ط الدار) وقد رواه ابن منظور (ق س م ـ ى م ن) والأيمن : جمع يمين ، وأراد بقوله «فتجمع أيمن منا ومنكم» تحلفون ونحلف ، وقوله «بمقسمة» هو بضم الميم وفتح السين بينهما قاف ساكنة ـ وهو الموضع يحلف فيه عند الأصنام ، ويروى «بمقسمة» بفتح الميم ـ وأراد بها القسامة ، وأصل القسامة ـ بزنة السحابة ـ أن يوجد رجل قتيلا فيجيء أولياؤه فيدعون على رجل أنه قاتله ، ولا تكون لهم بينة كاملة ، أو يوجد القتيل في محلة قوم ولا بينة على أن قاتله فلان منهم ، فيستحلف أولياء القتيل خمسين يمينا أن فلانا قتله ، أو أن هؤلاء قتلوه ، فإن حلفوا استحقوا دية القتيل ، وإن أبوا أن يحلفوا حلف المدعى عليه وبرىء. وعلى هذا يكون المعنى في بيت زهير : تؤخذ أيمان مثل الأيمان التي تؤخذ في القسامة ، وتمار بها الدماء : أي تسيل ، والمراد دم البدن التي تنحر.
ومحل الاستشهاد بالبيت قوله «أيمن» فإنه جمع يمين ، قال سيبويه : «وقالوا : يمين وأيمن ، وقالوا : أيمان فكسروها على أفعال كما كسروها على أفعل» اه. وقد كسروا يمينا على يمن ـ بضم الياء والميم جميعا ـ كما كسروا شمالا على شمل ، ومن ذلك قول زهير :
قد نكبت ماء شرج عن شمائلها |
|
وجو سلمى على أركانها اليمن |
__________________
(١) انظر في هذه المسألة : التصريح للشيخ خالد (٢ / ٤٥٦) وشرح الأشموني مع حاشية الصبان (٤ / ٢٣٢) وشرح ابن يعيش على المفصل (ص ١٢٩٠) ولسان العرب (ى م ن).