٢٢
مسألة
[القول في رافع الخبر بعد «إنّ» المؤكدة](١)
ذهب الكوفيون إلى أن «إنّ» وأخواتها لا ترفع الخبر ، نحو «إنّ زيدا قائم» وما أشبه ذلك. وذهب البصريون إلى أنها ترفع الخبر.
أما الكوفيون [٨٢] فاحتجوا بأن قالوا : أجمعنا على أن الأصل في هذه الأحرف أن لا تنصب الاسم ، وإنما نصبته لأنها أشبهت الفعل ؛ فإذا كانت إنما عملت لأنها أشبهت الفعل فهي فرع عليه ، وإذا كانت فرعا عليه فهي أضعف منه ؛ لأن الفرع أبدا يكون أضعف من الأصل ؛ فينبغي أن لا يعمل في الخبر ، جريا على القياس في حطّ الفروع عن الأصول ؛ لأنا لو أعملناه عمله لأدّى ذلك إلى التسوية بينهما ، وذلك لا يجوز ؛ فوجب أن يكون باقيا على رفعه قبل دخولها. والذي يدلّ على ضعف عملها أنه يدخل على الخبر ما يدخل على الفعل لو ابتدىء به ، قال الشاعر :
[١٠٥] لا تتركنّي فيهم شطيرا |
|
إنّي إذن أهلك أو أطيرا |
______________________________________________________
[١٠٥] لم أعثر لهذا الشاهد على نسبة إلى قائل معين ، وقد أنشده ابن منظور (ش ط ر) ولم يعزه ، وأنشده الرضي في شرح الكافية في نواصب المضارع ، وشرحه البغدادي في الخزانة (٣ / ٥٧٤) والأشموني (رقم ١٠١٣) وابن هشام في المغني (رقم ٢١) وفي أوضح المسالك (رقم ٤٩٦). والشطير ـ بفتح الشين ـ مثل الغريب والبعيد في الوزن وفي المعنى ، وأهلك : معناه أموت ، وأطير : معناه الأصلي أذهب بعيدا ، أو أحلق في الجو. والاستشهاد به في قوله «إني إذن أهلك» حيث نصب الفعل المضارع الذي هو قوله «أهلك» بعد إذن الذي هو حرف جواب ، مع أن إذن في ظاهر اللفظ غير واقعة في صدر الكلام ، بل هي مسبوقة بإني ، وقد أخذ جماعة من النحاة بظاهر اللفظ وحكموا بأن جملة «إذن أهلك» في محل رفع خبر إن ، وقالوا : إن نصب المضارع بعد إذن هنا ضرورة من
__________________
(١) انظر في هذه المسألة : حاشية الصبان على الأشموني (١ / ٢٥٠) والتصريح للشيخ خالد (١ / ٢٥٣ بولاق).