٢٨
مسألة
[القول في أصل الاشتقاق ، الفعل هو أو المصدر]؟ (١)
ذهب الكوفيون إلى أن المصدر مشتق من الفعل وفرع عليه ، نحو «ضرب ضربا ، وقام قياما» وذهب البصريون إلى أن الفعل مشتق من المصدر وفرع عليه.
أما الكوفيون فاحتجوا بأن قالوا : إنما قلنا إنّ المصدر مشتق من الفعل لأن المصدر يصح لصحة الفعل ويعتل لاعتلاله ، ألا ترى أنك تقول «قاوم قواما» فيصح المصدر لصحة الفعل ، وتقول «قام قياما» فيعتل لاعتلاله ؛ فلما صح لصحته واعتل لاعتلاله دل على أنه فرع عليه.
ومنهم من تمسك بأن قال : الدليل على أن المصدر فرع على الفعل أنّ الفعل يعمل في المصدر ، ألا ترى أنك تقول «ضربت ضربا» فتنصب ضربا بضربت؟ فوجب أن يكون فرعا له ؛ لأن رتبة العامل قبل رتبة المعمول ؛ فوجب أن يكون المصدر فرعا على الفعل.
ومنهم من تمسك بأن قال : الدليل على أن المصدر فرع على الفعل أن المصدر يذكر تأكيدا للفعل ، ولا شك أن رتبة المؤكّد قبل رتبة المؤكّد ؛ فدل على أن الفعل أصل ، والمصدر فرع. والذي يؤيد ذلك أنا نجد أفعالا ولا مصادر لها ، خصوصا على أصلكم ، وهي نعم وبئس وعسى وليس وفعل التعجب وحبّذا ، فلو لم يكن المصدر فرعا لا أصلا لما خلا عن هذه الأفعال ؛ لاستحالة وجود الفرع من غير أصل.
ومنهم من تمسك بأن قال : الدليل على أن المصدر فرع على الفعل أن المصدر لا يتصور معناه ما لم يكن فعل فاعل ، والفاعل (٢) وضع له فعل ويفعل ؛
__________________
(١) انظر في هذه المسألة : شرحنا على شرح الأشموني (٢ / ٣٤١) وحاشية الصبان (٢ / ٩٦ بولاق) وتصريح الشيخ خالد الأزهري (١ / ٣٩٣ بولاق) وشرح الرضي على الكافية (٢ / ١٧٨) وشرح ابن يعيش على المفصل (ص ١٣٥) وأسرار العربية للمؤلف (ص ٦٩ ليدن).
(٢) كذا ، ونرجح أن الأصل «والفعل وضع له ـ الخ».