١٦
مسألة
[القول في جواز التعجب من البياض والسواد ، دون غيرهما من الألوان](١)
ذهب الكوفيون إلى أنه يجوز أن يستعمل «ما أفعله» في التعجّب من البياض والسّواد خاصة من بين سائر الألوان ، نحو أن تقول : هذا الثوب ما أبيضه ، وهذا الشّعر ما أسوده. وذهب البصريون إلى أن ذلك لا يجوز فيهما كغيرهما من سائر الألوان.
أما الكوفيون فاحتجّوا بأن قالوا : إنما جوّزنا ذلك للنقل ، والقياس :
أما النقل فقد قال الشاعر :
[٨٩] إذا الرّجال شتوا واشتدّ أكلهم |
|
فأنت أبيضهم سربال طبّاخ |
______________________________________________________
[٨٩] روى صاحب اللسان (ب ى ض) هذا البيت كما رواه المؤلف ، ولم يعزه لقائل معين ، ورواه ابن يعيش (ص ٨٤٧ و ١٠٤٦) كذلك من غير عزو ، ورواه في مجمع الأمثال (١ / ٨١ بتحقيقنا) ونسب قوم هذا البيت إلى طرفة بن العبد البكري من أبيات يهجو فيها عمرو بن هند الملك ، لكنني رجعت إلى ديوان طرفة فوجدت فيه (ص ١٥) أبياتا يهجو فيها عمرو بن هند فيها كلمته التي يستشهد بها المؤلف ، لكن رواية هذا البيت على غير ما جاء في اللسان وفي كلام المؤلف ، وهي هكذا :
أنت ابن هند فأخبر من أبوك إذا |
|
لا يصلح الملك إلا كل بذاخ |
إن قلت نصر فنصر كان شرفتى |
|
قدما ، وأبيضهم سربال طباخ |
__________________
(١) انظر في هذه المسألة : شرح المفصل لابن يعيش (ص ٨٤٧ و ١٠٤٦) وشرح كافية ابن الحاجب للرضي (٢ / ١٩٨) وأسرار العربية لصاحب الإنصاف (ص ٥١ ليدن) وقد بنى رضي الدين الكلام على أنه لا يبنى اسم التفضيل من فعل الألوان ، جعل «أبيضهم ، وأسودهم» أفعل تفضيل ، وأنت ترى المؤلف يبني الكلام على أنه لا يبنى فعل التعجب من الفعل الدال على الألوان ، ثم يستشهد بالشواهد التي تشتمل على أفعل التفضيل ، والخطب في ذلك سهل ؛ لأنك تعلم أن كل ما يشترط في صوغ أفعل التفضيل هو بعينه يشترط في اشتقاق صيغ التعجب ، وقد ذكر المؤلف نفسه ذلك ، ثم انظر شرح الأشموني (٤ / ٢٥٤ بتحقيقنا) وحاشية الصبان (٣ / ١٩ و ٣٧) والتصريح للشيخ خالد (٢ / ١١٣ ـ ١١٦ بولاق) ولسان العرب (ب ى ض).