[٨٥] ٢٣
مسألة
[القول في العطف على اسم «إنّ» بالرفع قبل مجيء الخبر](١)
ذهب الكوفيون إلى أنه يجوز العطف على موضع «إنّ» قبل تمام الخبر ، واختلفوا بعد ذلك ؛ فذهب أبو الحسن علي بن حمزة الكسائي إلى أنه يجوز ذلك على كل حال ، سواء كان يظهر فيه عمل «إنّ» أو لم يظهر ، وذلك نحو قولك : «إن زيدا وعمرو قائمان ، وإنك وبكر منطلقان». وذهب أبو زكريا يحيى بن زياد الفراء إلى أنه لا يجوز ذلك إلا فيما لم يظهر فيه عمل إنّ : وذهب البصريون إلى أنه لا يجوز العطف على الموضع قبل تمام الخبر على كل حال.
أما الكوفيون فاحتجوا بأن قالوا : الدليل على جواز ذلك النقل والقياس :
أما النقل فقد قال الله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصارى) [المائدة : ٦٩] وجه الدليل أنه عطف (الصَّابِئُونَ) على موضع «إنّ» قبل تمام الخبر ـ وهو قوله : (مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) [البقرة : ٦٢] ـ وقد جاء عن بعض العرب فيما رواه الثقات «إنّك وزيد ذاهبان» وقد ذكره سيبويه (٢) في كتابه ؛ فهذان دليلان من كتاب الله تعالى ولغة العرب.
وأما من جهة القياس فقالوا : أجمعنا على أنه يجوز العطف على الموضع قبل تمام الخبر مع لا ، نحو «لا رجل وامرأة أفضل منك» فكذلك مع «إنّ» لأنها بمنزلتها ، وإن كانت إنّ للإثبات ولا للنفي ؛ لأنهم يحملون الشيء على ضده كما يحملونه على نظيره ، يدل عليه أنا أجمعنا على أنه يجوز العطف على الاسم بعد
__________________
(١) انظر في هذه المسألة : تصريح الشيخ خالد وحاشية يس الحمصي عليه (١ / ٢٧٢ وما بعدها) وشرح الأشموني بحاشية الصبان (١ / ٢٦٥ وما بعدها) وشرح ابن يعيش على المفصل (ص ١١٢٢ ـ ١١٢٧) وشرح الكافية لرضي الدين (٢ / ٣٢٧ ـ ٣٣٠).
(٢) قال سيبويه «واعلم أن ناسا من العرب يغلطون فيقولون : إنهم أجمعون ذاهبون ، وإنك وزيد ذاهبان» فذكر سيبويه لهذا المثال لا يدل على جوازه ، وكيف يدل على ذلك وهو ينص على غلطه؟ وسيذكر ذلك المؤلف في ص ١٩١.