[١٣٦] ٤١
مسألة
[إذا فصل بين «كم» الخبرية وتمييزها فهل يبقى التمييز مجرورا؟ (١)]
ذهب الكوفيون إلى أنه إذا فصل بين «كم» في الخبر وبين الاسم بالظرف وحرف الجر كان مخفوضا ، نحو : كم عندك رجل ، وكم في الدار غلام؟. وذهب البصريون إلى أنه لا يجوز فيه الجر ، ويجب أن يكون منصوبا.
أما الكوفيون فاحتجوا بأن قالوا : إنما قلنا إنه يكون مخفوضا بدليل النقل والقياس :
أما النقل فقد قال الشاعر :
[١٨٦] كم بجود مقرف نال العلى |
|
وشريف بخله قد وضعه |
______________________________________________________
[١٨٦] هذا البيت من كلام أنس بن زنيم ، الكناني ، أحد بني الديل بن بكر ، وهو من شواهد سيبويه (١ / ٢٩٦) وابن يعيش في شرح المفصل (ص ٥٨٢) ورضي الدين في شرح الكافية ، وشرحه البغدادي في الخزانة (٣ / ١١٩) والأشموني (رقم ١١٣٨) والمقرف : النذل اللئيم الأب ، ومعنى البيت أنه قد يرتفع اللئيم بجوده ، ويتضع الكريم الأب بسبب بخله ، ومحل الشاهد في البيت قوله «كم يجود مقرف نال العلا» واعلم أولا أن «كم» في هذا البيت خبرية تدل على التكثير ، كأنك قلت : كثير من المقرفين نالوا العلا بسبب جودهم وكثير من الذين لهم آباء كرماء قد اتضع حالهم بسبب بخلهم ، ثم أعلم ثانية أن قوله «مقرف» يروى بثلاثة أوجه : الرفع ، والنصب ، والجر ، فأما رواية الرفع فعلى أن تكون «كم» ظرفا متعلقا بقوله «نال» الآتي ، ويكون «مقرف» مبتدأ ، وجملة «نال العلا» في محل رفع خبر المبتدأ ، وكأنه قال : مقرف نال العلا في مرات كثيرة بسبب جوده ، وأما رواية النصب فعلى أن تجعل «مقرفا» تمييزا لكم الخبرية ، وإنما نصب للفصل بينه وبينها ، وأما رواية الجر فعلى أن تجعل «مقرف» بالجر تمييزا لكم الخبرية على أصله ، ولا تعتد بالفاصل بينهما ، وكم على وجهي الجر والنصب مبتدأ ، وجملة «نال العلا» في
__________________
(١) انظر في هذه المسألة : شرح الأشموني وحاشية الصبان (٤ / ٦٧) وشرح كافية ابن الحاجب لرضي الدين (٢ / ٩١) وشرح ابن يعيش على مفصل الزمخشري (ص ٥٨١).