[٣٤] أي : ولكن الغنى غنى رب غفور ، فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه.
والشواهد على هذا النحو أكثر من أن تحصى ؛ فعلى هذا يكون قد أجرى قوله «متقلديها» ـ وهو اسم الفاعل ـ على ذلك المحذوف ، فلا يفتقر إلى إبراز الضمير.
وأما قولهم «إن الإضمار في اسم الفاعل إنما كان لشبه الفعل وهو يشابه الفعل إذا جرى على غير من هو له» قلنا : فلكونه فرعا على الفعل وجب فيه إبراز الضمير هاهنا ؛ لئلا يؤدي إلى التسوية بين الأصل والفرع ، ولما يؤدي إليه ترك الإبراز من اللّبس على ما بيّنا ، والله أعلم
______________________________________________________
يربه» تعني أنه أصلحه ، ومن ذلك قول الشاعر :
يرب الذي يأتي من العرف أنه |
|
إذا سئل المعروف زاد وتمما |
ومعنى قول الشاعر «ولكن الغنى رب غفور» ولكن الغنى مصلح لفساد أموره ساتر لمساويه ، وهذا معنى مستقيم من غير تقدير ، والوجه الثاني : أنا نسلم جدلا أن كلمة الرب على المعنى الذي تبادر إلى ذهن المؤلف ، لكن لا نسلم مع ذلك أن الكلام يحتاج إلى تقدير المضاف ، بل تقدير المضاف يفسد المعنى ، وذلك لأن الشاعر يريد تشبيه الغنى بالرب الغفور ، والمعنى على هذا أن الناس يرون عيوب الرجل الغني قليلة ولو كانت أكثر من زبد البحر ، وذلك لأن غناه يغطي عليها ويسترها ، وتأمل ذلك جيدا ، ولا تكن أسير التقليد.