أي : إحراز نعم. وقال الآخر :
[٢٥] كأنّ عذيرهم بجنوب سلّى |
|
نعام قاق في بلد قفار |
أي : كأن عذيرهم عذير نعام. والعذير : الحال ، والحال لا يشبّه بالنعام ـ وقال الآخر :
[٢٦] قليل عيبه ، والعيب جمّ |
|
ولكنّ الغنى ربّ غفور |
______________________________________________________
من الأسماء الدالة على الذات ، ومن المقرر عند النحاة أن ظرف الزمان لا يكون خبرا عن اسم الذات ، وللتخلص من ذلك قدر المؤلف مضافا هو اسم معنى يكون هو المبتدأ وأصل الكلام عنده : أكل عام إحراز نعم ، وقد تبعه في هذا التقدير ابن صاحب الألفية ، وقدره الرضي : أكل عام حواية نعم ، وقوم يقدرونه : أكل عام نهب نعم ، والخطب في ذلك سهل ؛ فإنّ هؤلاء جميعا يسيرون في فلك واحد ، وخلاصته أنه لا بدّ من تقدير مضاف يكون اسم معنى ، وهذا أحد وجهين في هذا البيت ، والوجه الثاني لأبي العباس المبرد ، وخلاصته أنه يتعين تقدير المضاف إذا كان اسم الذات الواقع مبتدأ مخبرا عنه بظرف زمان ليس له تجدد وحدوث مرة بعد مرة ، أما إذا كان له تجدد وحدوث مرة بعد مرة فلا يلزم تقدير مضاف يكون اسم معنى ، والكلام هنا من هذا القبيل ، وانظر إلى قول ابن مالك في التسهيل «ولا يغني ظرف زمان غالبا عن خبر اسم عين ، ما لم يشبه اسم المعنى بالحدوث وقتا دون وقت ، أو تنو إضافة اسم معنى إليه ، أو يعم واسم الزمان خاص أو مسؤول به عن خاص ، ويغني عن خبر اسم معنى مطلقا» اه.
[٢٥] أنشد ابن منظور هذا البيت (س ل ل) ولم ينسبه ، وأنشده في (ق وق) ونسبه إلى النابغة ، وحكى عن ابن بري نسبته إلى شقيق بن جزء بن رباح الباهلي. وهو من شواهد سيبويه (١ / ١٠٩) والغدير : القطعة من الماء يغادرها السيل ، أي يتركها ، فهو فعيل بمعنى مفعول مشتق من المغادرة على تقدير طرح الحروف الزائدة ، والعذير ـ بالعين المهملة والذال المعجمة ـ الحال ، وسلى ـ بكسر السين وتشديد اللام ـ اسم موضع بالأهواز كثير التمر ، وقاق : أي صوت ، وبلد قفار : أي خالية موحشة ، وأصل القفار جمع قفر ـ بالفتح ـ لكنه توهم سعة البلد وجعل كل جزء منها بلدا فوصف البلد ـ وهو في الأصل مفرد ـ بالجمع على هذا. والاستشهاد بالبيت في قوله «كأن عذيرهم نعام» فإن الخبر في هذه الجملة ليس هو عين المبتدأ ، ولهذا كان الكلام على تقدير مضاف يتم به كون الخبر هو المبتدأ ، وأصل الكلام : كأن عذيرهم عذير نعام ، قال ابن منظور بعد أن أنشد البيت «أراد عذير نعام ، فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه ، ومعناه أي كأن حالهم في الهزيمة حال نعام تغدو مذعورة» اه.
[٢٦] لم أعثر لهذا الشاهد على نسبة إلى قائل معين ، ولا وقفت له على سوابق أو لواحق تتصل به. والجم ـ بفتح الجيم وتشديد الميم ـ الكثير. وقد زعم المؤلف أن قول الشاعر «ولكن الغنى رب» على تقدير مضاف ، وأصل الكلام : ولكن الغنى غنى رب ، وهذا كلام فاسد من وجهين : الأول أن كلمة «رب» ههنا معناها المصلح ، فإنك تقول «رب فلان الشيء