[٣٥] ويروى «الأكارم» وتقديره : بنو أبنائنا بنونا. وقال الآخر :
[٢٨]فتى ما ابن الأغرّ إذا شتونا |
|
وحبّ الزّاد في شهري قماح |
وتقديره : ابن الأغر فتى ما إذا شتونا ، وقال الشّمّاخ :
[٢٩] كلا يومي طوالة وصل أروى |
|
ظنون ، آن مطّرح الظّنون |
______________________________________________________
وابن هشام في أوضح المسالك (رقم ٧١ بتحقيقنا) وفي مغني اللبيب (رقم ٧٠٢ بتحقيقنا) والاستشهاد به في قوله «بنونا بنو أبنائنا» فإن هذه الجملة اشتملت على مبتدأ وخبر ، وقد تقدم الخبر ـ وهو قوله بنونا ـ على المبتدأ ـ وهو قوله بنو أبنائنا ـ وقد استساغ الشاعر تقديم الخبر على المبتدأ مع كونهما في رتبة واحدة من التعريف وكل واحد منهما صالح للابتداء به لوجود قرينة معنوية مرشدة إلى المبتدأ وإلى الخبر ، معينة أحدهما للابتداء به والآخر للإخبار به ، وذلك أنه يريد تشبيه أبناء الأبناء بالأبناء ، في المحبة والعطف عليهم ، ولا يمكن أن يتسرب إلى فهم أحد أن غرضه تشبيه الأبناء بأبناء الأبناء ، فإن أصل المحبة والحنان والعطف للأبناء والغرض إثبات أن أبناء الأبناء مثلهم في هذه الخلال ، لا العكس.
[٢٨] هذا البيت من كلام مالك بن خالد الهذلي ، وقد أنشده ابن منظور (ق م ح) ونسبه إليه. وقوله «فتى ما» معناه فتى أي فتى ، فما هذه صفة لفتى ، والشتاء عندهم زمن الجدب والقحط ، ولهذا يكون الكرم فيه نادرا ، ومن يطعم قليلا ، وهو ممدوح أشد المدح ، وقوله «حب» هو بضم الحاء ـ مثل نعم في المدح ، وشهرا قماح ـ بضم القاف بزنة غراب أو بكسرها بزنة كتاب ـ هما كانون الأول وكانون الثاني ، سموهما بذلك لأنهما يكره فيهما شرب الماء ، وقد قالوا «قمح البعير ، وقامح» إذا رفع رأسه عند الحوض وامتنع من الشرب ، والاستشهاد به في قوله «فتى ما ابن الأغر» فإن هذه جملة من مبتدأ وخبر ، وقد تقدم فيها الخبر على مبتدئه ، ولا يجوز لك أن تجعل المتقدم ـ وهو قوله فتى ما ـ مبتدأ ، والمتأخر ـ وهو قوله ابن الأغر ـ خبرا عنه ، وذلك لأن المتقدم نكرة والمتأخر معرفة ، والأصل في المبتدأ أن يكون معرفة ولا يكون نكرة إلا بمسوغ ، والأصل في الخبر أن يكون نكرة ؛ لأنه يكون مجهولا للمخاطب حتى يفيده الكلام فائدة جديدة لم تكن عنده قبل الكلام.
[٢٩] هذا البيت للشماخ بن ضرار الغطفاني ـ كما قال المؤلف ـ وقد أنشده ابن منظور (ط ول) وأنشده ياقوت في معجم البلدان (طوالة). وطوالة ـ بضم الطاء وفتح الواو مخففة ـ قال ياقوت : موضع ببرقان فيه بئر ، وقال نصر : بئر في ديار فزارة لبني مرة وغطفان ، وأروى : من أسماء النساء ، وظنون : مظنون غير مقطوع به ، ومطرح ـ بضم الميم وتشديد الطاء مفتوحة ـ مصدر ميمي بمعنى الإطراح. والاستشهاد به في قوله «كلا يومي طوالة وصل أروى ظنون» فإن قوله «وصل أروى» مبتدأ ، وقوله «ظنون» خبر المبتدأ ، وقد تقدم المبتدأ وتأخر الخبر على ما هو الأصل فيهما ، ولكن قوله «كلا يومي طوالة» ظرف متعلق يظنون الذي هو الخبر ، وقد تقدم هذا الظرف على المبتدأ كما هو ظاهر ، وقد استقر عند النحاة أن تقديم المعمول يدل على أن العامل فيه يجوز أن يتقدم فيكون في موضع هذا المعمول ،