فزاد اللام والهاء على إن ، فكذلك هاهنا : زاد عليها لا والكاف ؛ فإن الحرف قد يوصل في أوله وآخره ، فما وصل في أوله نحو «هذا وهذاك» وما وصل في آخره نحو قوله تعالى : (فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً) [مريم : ٢٦] وكذلك نقول : إن قول العرب «كم مالك» إنها «ما» زيدت عليها الكاف ، ثم إن الكلام كثر بها فحذفت الألف من آخرها وسكّنت ميمها ، كما زيدت اللام على «ما» ثم لما كثر الكلام بها سكّنت ميمها فقالوا : «لم فعلت كذا»؟ قال الشاعر :
[١٣١] يا أبا الأسود لم أسلمتني |
|
لهموم طارقات وذكر |
______________________________________________________
وقال تليد الضبي ، وكان أحد اللصوص على عهد عمر بن عبد العزيز :
لهني لأشقى الناس إن كنت غارما |
|
قلائص بين الجلهتين ترود |
وقال خداش بن زهير العامري ، وهو صحابي شهد حنينا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم :
لهني لأشقى الناس إن كنت غارما |
|
لعاقبة قتلي خزيمة والخضر |
وقال الشاعر :
لهني لأشقى الناس إن كنت غارما |
|
لدومة بكرا ضيعته الأراقم |
وقال الشاعر :
وقالت : ألا هل تقصم الحب موهنا |
|
من الليل ، إن الكاشحين خضور |
فقلت لها : ما تطعميني أقتلد |
|
لهن الذي كلفتني ليسير |
وقال الآخر :
ثمانين حولا لا أرى منك راحة |
|
لهنك في الدنيا لباقية العمر |
وأنشد أبو زيد :
أبائنة حبي؟ نعم وتماضر |
|
لهنا لمقضي علينا التهاجر |
[١٣١] أولا : انظر المسألة ٤٠ ، ثم نقول : أنشد ابن هشام هذا البيت في مغني اللبيب (رقم ٤٩٩ بتحقيقنا) ولم يتكلم السيوطي عليه مطلقا ، وأنشده البغدادي في خزانة الأدب (٢ / ٥٣٨) أثناء شرحه للشاهد رقم ٤٣٦ من شواهد الكافية ، والبيت من شواهد ابن يعيش (ص ١٢٨٧) وشرح الكافية للرضي (ش ٥١٦) وشرحه البغدادي في الخزانة (٣ / ١٩٧) وهو أيضا من شواهد الرضي في شرح الشافية (ش ١١٠) وشرحه البغدادي بإيجاز (ص ٢٢٤ بتحقيقنا) و «أسلمتني» هو من قولهم «أسلم فلان فلانا» بمعنى خذله وتركه لأعدائه ، ويروى في مكانه «خليتني» أي تركتني ، ويروى «خلفتني» والهموم : جمع هم ، وهو الحزن ، وطارقات : أصلها من الطروق ، وهو المجيء ليلا ، وإنما خص الهموم بالطارقات لأنها في أكثر الأحوال تكون في الليل ، إذ هو الوقت الذي يخلو فيه بنفسه وأفكاره وهو اجسه ، والذكر ـ بكسر الذال وفتح الكاف ـ جمع ذكرة ، وهي ضد النسيان.
والاستشهاد بالبيت في قوله «لم» فإن هذه اللام حرف جر ، والميم أصلها «ما» الاستفهامية حذفت ألفها ثم سكنت الميم ، وللعلماء في كل واحد من حذف الألف وتسكين الميم كلام نلخصه لك فيما يلي : الأصل أن تبقى الكلمات ـ وبخاصة غير المتمكنة ـ على حالها ، فلا ـ