ولغنّ ـ بالغين معجمة ـ وأنشدوا :
[١٤١] ألا يا صاحبيّ قفا لغنّا |
|
نرى العرصات أو أثر الخيام |
ورعنّ ، وعنّ ، وغنّ ، ولغلّ ، وغلّ ؛ فلما كثرت هذه الكلمة في استعمالهم حذفوا اللام لكثرة الاستعمال. وكان حذف اللام أولى من العين ـ وإن كان أبعد من الطّرف ـ لأنه لو حذف العين لأدى ذلك إلى اجتماع ثلاث لامات فيؤدي ذلك إلى الاستثقال ؛ لأجل اجتماع الأمثال ، أو لأن اللام تكون في موضع ما من حروف الزيادة وليس العين كذلك ، والذي يدل على اعتبار ذلك أنهم جوّزوا في تكسير فرزدق وتصغيره فرازق وفريزق ـ بحذف الدال ـ ولم يجوزوا في تكسير جحمرش وتصغيره : جحامش وجحيمش ـ بحذف الراء ـ لأن الدال تشبه حروف الزيادة لمجاورتها التاء ومجيئها بدلا منها في مزدان ومزدجر ، بخلاف الراء فإنها ليست كذلك ، وإذا اعتبروا ذلك فيما يقرب من حروف الزيادة وليس منها فلأن يعتبروه فيما هو من حروف الزيادة في الجملة كان ذلك من طريق الأولى ؛ فلهذا كان حذف اللام الأولى أولى.
وأما قولهم «إنا لما وجدناهم يستعملونها مع حذف اللام في معنى إثباتها دلّ على أنها زائدة كاللّام في زيدل وعبدل وأولالك» قلنا : إنما يعتبر هذا فيما يجوز أن تدخل فيه حروف الزيادة ، فأما الحروف فلا يجوز أن تدخل عليها حروف الزيادة على ما بيّنا.
وأما قولهم «إن هذه الأحرف إنما عملت لشبه الفعل في لفظه» قلنا : لا نسلم أنها عملت لشبه الفعل في لفظه فقط ، وإنما عملت لأنها أشبهته في اللفظ والمعنى ، وذلك من عدة وجوه ؛ أحدها : أنها تقتضي الاسم كما أن الفعل يقتضي
______________________________________________________
[١٤١] أنشد ابن منظور هذا البيت (ل غ ن) ونسبه للفرزدق ، إلا أنه روى صدره هكذا :
قفا يا صاحبي بنا لغنا*
والبيت مطلع قصيدة للفرزدق يمدح بها هشام بن عبد الملك بن مروان ، وهي ثابتة في ديوانه (٨٣٥) وفي النقائض (ص ١٠٠٤ ط ليدن) ولكن رواية البيت فيهما هكذا :
ألستم عائجين بنا لعنا |
|
نرى العرصات أو أثر الخيام |
وعائجين : عاطفين ومائلين ، والعرصات : جمع عرصة ، وهي وسط الدار ، ويقال لها أيضا : ساحة ، وباحة ، وبالة ، والخيام : جمع خيمة ، وهي بيت من خشب يظل بالثمام في المرتبع لأنها أبرد ظلالا من الأبنية ، والاستشهاد بالبيت في قوله «لغنا» فإنها لغة في «لعلنا» وقد وقعت هذه الكلمة في لسان العرب بالغين المعجمة ، وفي النقائض بالعين المهملة ، والخطب في ذلك سهل ؛ لأن الوجهين صحيحان ، وكل واحد منهما لغة.