هذا هو السبب السّادس من أسباب الإمالة (١) ، وإنّما أخّره عنها لضعفه بالنّسبة لها.
يعني : أنّهم قد أمالوا للتّناسب ، دون سبب سواه ، فذكر مثالين :
أحدهما : «عمادا» (٢) ، ويعني به : إذا قلت : «رأيت عمادا» ، ثمّ وقفت عليه ، فقلبت التّنوين ألفا ، فتميل الألفين معا ، أعني : الألف الّتي بعد الميم ، والألف المبدلة من التّنوين.
أمّا الألف الّتي بعد الميم ، فلإمالتها سبب ، وهو كسر العين.
وأمّا الألف الّتي هي بدل من التّنوين فلا سبب لإمالتها ، إلا المناسبة للألف الممالة الّتي قبلها.
وينبغي أن يضبط «كعمادا» بألف دون تنوين ، على إرادة الوقف.
والمثّال الثّاني : «تلا» ، (أميل) (٣) من قوله تعالى : (وَالْقَمَرِ إِذا تَلاها) [الشمس : ٢] ، فالألف / فيه منقلبة عن واو ، فلاحظّ لها في الإمالة ، لكن أميلت لمناسبة رؤوس الآي ، وفيها ما لإمالته سبب ، نحو (إِذا جَلَّاها) [الشمس : ٣].
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
ولا تمل ما لم ينل تمكّنا |
|
دون سماع غيرها وغيرنا |
يعني : أنّه لم تطّرد الإمالة في الأسماء غير المتمكّنة ، إلا في «نا» (٤) ضمير المتكلّم ومعه غيره ، و «ها» ضمير الواحدة ، فتقول : «مرّ بنا ، ونظر إلينا ، ومرّ بها ، ونظر إليها». وإنّما اطّردت في هذين الضّميرين دون غيرهما من غير المتمكّن ، لكثرة استعمالهما.
وفهم من قوله : «دون سماع» أنّ الإمالة سمعت في غير هذين ، وذلك نحو «أنّى (٥) ، ومتى ، وبلى». ولما فرغ من إمالة الألف وأسبابها ، انتقل إلى إمالة الفتحة ، ولها سببان ، أشار إلى الأوّل (منهما) (٦) ، فقال رحمهالله تعالى :
والفتح قبل كسر راء في طرف |
|
أمل كللأيسر مل تكف الكلف |
__________________
(١) وهو التناسب ، وعبر بعضهم عنه بقولهم : الإمالة للإمالة ، وعبر عنه آخرون بقولهم : الإمالة لمجاورة الممال. انظر شرح المرادي : ٥ / ١٩٩ ، ارتشاف الضرب : ١ / ٢٤٥ ، شرح الأشموني : ٤ / ٢٣٠ ، شرح الشافية للرضي : ٣ / ١٣ ، الهمع : ٦ / ١٩٣.
(٢) في الأصل : عماد. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٦٧.
(٣) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٦٧.
(٤) في الأصل : تا. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٦٧.
(٥) في الأصل : أتى. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٦٨.
(٦) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ٢ / ١٦٨.