ورفعه الظاهر نزر ومتى |
|
عاقب فعلا فكثيرا ثبتا |
كلن ترى في النّاس من رفيق |
|
أولى به الفضل من الصّدّيق |
فاعل أفعل التّفضيل لا يكون إلّا ضميرا مستترا ، ولا يرفع اسما ظاهرا ، ولا ضميرا منفصلا ، إلّا قليلا ، كـ «مررت برجل أفضل منه أبوه» ، و «ما أفضل من زيد إلّا هو» ، وهي لغة ذكرها سيبويه (١).
أما متى عاقب الفعل ـ بأن يقع بعد نفي ، ويكون مرفوعه أجنبيّا مفضّلا على نفسه باعتبارين ـ فإنّ رفعه الظّاهر حينئذ كثير مطّرد ، كالمثال الذي مثّل به النّاظم (٢) / ، وكقولهم : «ما رأيت رجلا أحسن في عينه الكحل منه في عين زيد» (٣).
__________________
(١) فيرفع بأفعل التفضيل الظاهر مطلقا ، وذلك بخفض أفعل بالفتحة على أنه صفة لـ «رجل» وبرفع «الأب» و «هو» على الفاعلية بـ «أفعل» على معنى فاقه في الفضل أبوه أو هو ، وأكثر العرب يوجب رفع «أفضل» في ذلك على أنه خبر مقدم ، و «أبوه» أو «هو» مبتدأ مؤخر وفاعل «أفضل» ضمير مستتر فيه عائد على المبتدأ ، والجملة من المبتدأ والخبر في موضع خفض نعت له «رجل» ورابطها ما حل محله. وأجمعوا على أنه لا ينصب المفعول به ، فإن ورد ما يوهم جواز ذلك جعل نصبه بفعل مقدر يفسره أفعل ، كقوله تعالى : (اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ) ، فـ «حيث» هنا مفعول به لا مفعول فيه ، وهو في موضع نصب بفعل مقدر يدل عليه «أعلم».
انظر الكتاب : ١ / ٢٣٢ ، شرح الكافية لابن مالك : ٢ / ١١٤١ ، شرح المرادي : ٣ / ١٢٧ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٠٦ ، شرح الأشموني : ٣ / ٥٣.
(٢) وهو «لن ترى في الناس من رفيق أولى به الفضل من الصديق» ، قال ابن هشام : «والأصل : «من ولاية الفضل بالصديق» ، ثم «من فضل الصديق» ، ثم «من الصديق». انتهى. قال ابن حمدون : «وتقدير الموضح مضافين بأن قال : «من ولاية الفضل بالصديق» فاسد ولا معنى له ، لأن الضمير في منه في الأصل لا يعود على «أولى» وإنما يعود على «الفضل» كما رده بعض حواشيه». انتهى. وقال المرادي : «والأصل : «أولى به الفضل منه بالصديق» فاختصر. انتهى. فوقع الاسم الظاهر بين ضميرين أحدهما للموصوف ، وهو «به» ، وثانيهما للاسم الظاهر ، وهو «منه» ، فحذفت الباء من «بالصديق» ، وجعل موضع الضمير اسم ظاهر موافق لمعاده ، وأضيف ذلك الظاهر إلى ما بعده ، ولهذا أبدل الضمير ظاهرا ، فصار «أولى به الفضل من فضل الصديق» ، ثم حذف المضاف الذي هو «فضل» ، فدخلت «من» على «الصديق». قال ابن حمدون : «فيكون المقدر بين «من» و «الصديق» مضافا واحدا ، وهو «فضل». هذا هو الصواب ، كما في المرادي». انتهى. والمراد بـ «الصّدّيق» أبو بكر الصّدّيق رضياللهعنه.
انظر في ذلك أوضح المسالك : ١٧٦ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ١٠٧ ، المكودي مع ابن حمدون : ٢ / ٦ ، شرح المرادي : ٣ / ١٢٨ ، شرح الأشموني : ٣ / ٥٥ ، البهجة المرضية : ١٢١.
(٣) فـ «أحسن» أفعل تفضيل ، وهو صفة لـ «رجل» وهو اسم جنس مسبوق بنفي ، ومرفوعه