أفعله» لا يخرجه عن كونه فعلا ، وقد ذكرنا هذه المسألة مستوفاة في المسائل الخلافية (١).
[فعل التّعجّب منقول من الفعل الثّلاثي وعلّة ذلك]
فإن قيل : فلم كان فعل التّعجّب منقولا من الثّلاثيّ دون غيره؟ قيل لوجهين :
أحدهما : أنّ الأفعال على ضربين ؛ ثلاثيّ ورباعيّ ، فجاز نقل الثّلاثيّ إلى الرّباعيّ ؛ لأنّك تنقله من أصل إلى أصل ، ولم يجز نقل الرّباعيّ إلى الخماسّي ؛ لأنّك تنقله من أصل إلى غير أصل ؛ لأنّ الخماسيّ ليس بأصل.
والوجه الثّاني : أنّ الثّلاثيّ أخفّ من غيره ، فلمّا كان أخفّ من غيره ، احتمل زيادة الهمزة ، وأمّا ما زاد على الثّلاثيّ فهو ثقيل ، فلم يحتمل الزّيادة.
[لم كانت الهمزة أولى بالزّيادة]
فإن قيل : فلم كانت الهمزة أولى بالزّيادة؟ قيل : لأنّ الأصل في الزّيادة حروف المدّ واللّين ؛ وهي : الواو ، والياء ، والألف ، فأقاموا الهمزة مقام الألف ، لأنّها قريبة من الألف ، وإنّما أقاموها مقام الألف ؛ لأنّ الألف لا يتصوّر الابتداء بها ؛ لأنّها لا تكون إلّا ساكنة ، والابتداء بالسّاكن محال ، فكان تقدير زيادة الألف ـ ههنا ـ أولى ؛ لأنّها أخفّ حروف العلّة ، وقد كثرت زيادتها في هذا النّحو ؛ نحو : أبيض ، وأسود ، وما أشبه ذلك.
[انتصاب الاسم بفعل التّعجّب وعلّة ذلك]
فإن قيل : فبماذا ينتصب الاسم في قولهم : «ما أحسن زيدا»؟ قيل : ينتصب لأنّه مفعول أحسن ؛ لأنّ «أحسن» لمّا ثقّل بالهمزة ، صار متعدّيا ، بعد أن كان لازما ، فتعدّى إلى زيد ، فصار زيد منصوبا بوقوع الفعل عليه.
[عدم اشتقاق فعل التّعجّب من الألوان والخلق وعلة ذلك]
فإن قيل : فلم لا يشتقّ فعل التّعجّب من الألوان والخلق؟ قيل : لوجهين :
أحدهما : أنّ الأصل في أفعالها أن تستعمل على أكثر من ثلاثة أحرف ، وما زاد على ثلاثة أحرف لا يبنى منه فعل التّعجّب.
__________________
(١) راجع هذه المسألة في كتاب «الإنصاف في مسائل الخلاف بين البصريّين والكوفيّين» ١ / ٨١ ـ ٩٥.