وقالت فلو شَيْءٌ أَتَانَا رَسُوُله |
سِوَاكَ ولكِنْ لم نَجدْ لك مَدْفعا |
أقامَ شَيْئاً مُقَامَ أحَدٍ ، أي ليس أحَدٌ معدولاً بك.
وتقول : ذاك أَمْرٌ لَسْتُ فيه بأَوْحَدَ : لست على حِدةٍ. قال : والأَحَدُ أصلُها الواو. وأخبرني المنذريّ عن أبي العباس أنه سُئل عن الآحاد : أهِي جمع الأحد؟ فقال : معاذَ الله ليس للأَحَدِ جمعٌ ؛ ولكن إن جعلْتَه جَمْعَ الوَاحِدِ فهو محتَملٌ ، مثل شاهد وأَشْهَاد ، قال وليس للواحد تثنيةٌ ولا للاثنين واحدٌ من جِنْسِه.
ألف أحد مقطوعةٌ ، وكذلك إحدى ، وتصغير أحَدِ أُحَيْد وتصغير إحدى أُحَيْدَى ، وثبوت الأَلِفِ في أَحَدٍ وإِحْدَى دليلٌ على أنها مقطوعة وأَمَّا الألِفَ اثني واثنَتَي فَألِفُ وَصْلٍ. وتصغيرُ اثْنَي ثُنَيَّا ، وتصغير اثنَتَيْ ثُنَيّتَا.
وقال أبو إسحاق النحوي : الأَحَدُ أصله الوَحَدُ. وقال غيره : الفرقُ بين الوَاحدِ والأحدِ أَنَ الأَحدَ بُنِي لنَفْي ما يُذكَرُ معه من العَدَد ، والواحدُ اسمٌ لمُفْتَتَح العَدَدِ ، وأَحَدٌ يصلح في الكلام في موضِعِ الجَحْدِ ، وواحِدٌ في موضِعِ الإثْبَاتِ. تقولَ ما أتاني منهم أحدٌ وَجَاءَنِي منهم وَاحدٌ. وَلا يقالُ جاءَني منْهُمْ أحدٌ ، لأنك إذا قلت : ما أتاني منهم أَحَدٌ فمعناه ، لا وَاحِدَ أتاني وَلا اثْنَانِ ، وإذا قلت جاءني منهم وَاحِدٌ فمعناه أنه لم يأتني منهم اثْنَانِ ، فهذا أحَدَ الأَحَدِ ما لم يُضَفْ ، فإذا أُضِيفَ قَرُبَ من معنى الوَاحِد ، وذلك أنك تقول : قال أَحَدُ الثلاثَةِ كذا وكذا ، فأنت تريد وَاحِداً من الثَّلاثة.
والواحِدُ بُنِيَ على انقطاعِ النَّظِيرَ وعَوَزِ المثْلِ ، والوحِيدُ بني على الوَحْدَةِ والانفرادِ عن الأصحاب ، من طريق بَيْنُونَتِه عَنْهم. وقولهم لست في هذا الأمر بأوْحَدَ أي لَسْتُ بعادم لي فيه مِثْلاً وعِدْلاً وتقول : بقيتُ وحَيداً فَرِيداً حَرِيداً بمعنَى وَاحِدٍ ، ولا يقال بقيتُ أَوْحَدَ وأنت تريد فَرْداً. وكلام العرب يُجْرَى على ما بُنِيَ عليه مأخوذاً عنهم لا يُعْدَى به مَوْضِعُه ولا يَجُوزُ أن يَتَكَلم فيه إلا أهلُ المعرفةِ الثاقِبةِ به الّذين رسخُوا فيه وأَخَذُوه عن العربِ أو عَمَّن أَخَذَه عَنْهُم من الأَئِمّة المأمونِين وذوي التمييز المبرِّزين.
وأخبرني المنذريّ عن أبي العباس عن ابن الأعرابي : يقال فلان إحْدَى الأَحَدِ كما يقال واحدٌ لا مِثْلَ له. يقال : هو إحدَى الإحَدِ وأَوْحَدُ الأَحَدِين ووَاحِدُ الآحَادِ ، قال : ووَاحِدٌ وَوَحِدٌ وأَحَدٌ بمعنى وقال :
فلما الْتَقَيْنَا وَاحِدَيْنِ عَلَوْتُه |
بذي الكفِّ إني لِلْكُماةِ ضَرُوبُ |
وسُئِلَ سُفيانُ بن عيينة فقال : ذاك أَحَدُ الأَحَدِين.
قال وقال أبو الهيثم : هذا أَبْلَغُ المدح.
أبو حاتم عن الأصمعي : قال العرب تقول : ما جَاءني مِنْ أَحَدٍ ولا يقالُ قدْ جاءني من أَحَدٍ ، ولا يقال ـ إذا قيلَ لك ما يَقُول ذلك أَحَدٌ بلى يقول ذَلِك أَحَدٌ.