وأَحَرْتُ له جواباً ، وما أَحَارَ بكلمة ، والاسم من المحاورة الحَوِيرُ ، تقول : سمعتُ حَوِيرَهُما وحِوَارَهُما ، قال : والمَحْورَةُ من المُحَاوَرةِ كالمَشْوَرَة من المُشَاورة ، ومنه قول الشاعر :
بِحَاجَةِ ذي بَثٍّ ومَحْوَرَةٍ له |
كَفَى رَجْعُها مِنْ قِصَّةِ المُتَكلِّمِ |
وقال ابنُ هانىءٍ : يقال عند تأكيد المَرْزِئة عليه بِقلّة النَّماء : ما يَحُورُ فلان وما يَبُور ، وذهب فلان في الحَوَارِ والبَوَارِ ، منصوبَا الأوّلِ ، وذهب في الحُور والبُور. أبو عبيد عن الأصمعيّ كلمته فَمَا رَجَع إليَ حِوَاراً وحَوَاراً وحَوِيراً ومَحُورَةً بضم الحاء بوزن مَشُورَة.
ابن السّكِّيت : فلان ما يعيش بِأَحْوَرِ أي ما يعيش بعقْل. قال هُدْبَة :
فما أَنْسِ مِ الأشْياءِ لا أَنْس قَوْلَها |
لجارَتِها ما إِنْ يَعِيشُ بأَحْوَرَا |
وقال نُصَيْر : أَحْوَرُ الرجلِ قلبُه ، يقال ما يعيش فلان بأَحْوَر أي بقلب اسمٌ له.
قال ويقال إنّ الباطل لفي حَوْرٍ أي في رجوع ونَقْصٍ. وقال شَمِرٌ : إنه ليسعى في الحُور والبُور أي في النقصان والفسادِ ؛ ورجل حائِرٌ بائِرٌ ، وقد حارَ وبارَ ، وهو يحور حُؤُوراً : إذا نقص ورجع وقال العجَّاج :
في بِئْرِ لا حُورٍ سَرَى وما شَعَرْ
أراد حُؤُورٍ ، فخفّف الواو ، وهذا قول ابنِ الأعرابيّ. قلت : و (لا) صلةٌ في قوله.
وقال الفرّاء : لا قائِمة في هذا البيتِ صحيحةٌ ، أراد في بئر ماء لا تُحِيرُ عليه شيئاً.
شمر عن ابن الأعرابيّ : فلان حَوْرٌ في مَحَارَةٍ ، هكذا سمعتُه بفتح الحاء ، يُضْرَب مثلاً للشيءِ الذي لا يَصْلُح أو كان صالِحاً ففسد. قال : والمَحَاوَرَةُ المكان الذي يَحُور أو يُحَارُ فيه. قال : وَالحائِر الرّاجع من حالٍ كان عليها إلى حال كان دُونَها ، وَالبائِر الهالك. وَيقال حوَّرَ الله فلاناً أي خيّبه وَرَجَعه إلى النقص.
أبو عبيد عن الأصمعيّ حوَّرْتُ الخبزةَ تَحْوِيراً إذا هَيَّأْتَها لتضعَها في الملَّة. قال : وَحَوَّرْتُ عينَ الدابة إذا حَجَّرْتَ حولها بِكَيٍّ وذلك من داء يُصيبها ، وَالكيَّةُ يقال لها الحَوْرَاءُ ، سُمِّيت بذلك لأن مَوْضعها يَبْيَضُّ. قال وَالتحوير : التبييض. وَقال غيره : حوَّرْتُ الثوبَ إذا بَيَّضْتَه. أبو عبيد عن الأمويّ الإحْوِرَارُ الابيضاض ، وَأنشد :
يا وَرْدُ إِنّي سَأَمُوتُ مَرَّهْ |
فَمَنْ حَلِيفُ الجَفْنَةِ المُحْوَرَّهْ |
يعني المبيَضَّة ، قال أبو عبيد : وإنما سُمِّي أصحابُ عيسى الحواريّين للبَيَاض ، وكانوا قَصّارين وقال الفرزدق :
فَقُلتُ إنَ الحَوَارِيَّاتِ مَعْطَبَةٌ |
إذا تَفَتَّلْنَ من تحتِ الجَلَابِيبِ |
يعني النساءَ. وروي عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «الزبير ابنُ عَمَّتي وحَوَارِيٌ من أُمَّتِي». قال أبو عبيد : يقال ـ والله أعلم ـ إنَّ أصل هذا كان بَدْؤُه من الحواريّين أصحابِ عيسى ، وإنما سُمُّوا حواريّين لأنهم كانوا يَغْسلون الثياب يُحوِّرونها وهو