جُحْرُهُ. ويقولون : فلانٌ حَيَّةُ الْوادِي إذا كان شديدَ الشكيمة حاميَ الحقيقة. وهم حَيَّةُ الأرْضِ إذا كانُوا أَشِدَّاء ذوي بَسالة ، ومنه قول ذي الإصبع العَدْوانيّ :
عَذِيرَ الحَيِ من عَدْوَا |
نَ كَانُوا حَيَّةَ الأرْضِ |
أراد أَنَّهم كانوا ذوي إِرْبٍ وشِدَّة لا يضيعون ثأراً. ويقال : فلان رأسُه رأْسُ حيَّةٍ إذا كان متوقِّداً ذَكيّاً شَهْماً. وفلانٌ حَيَّةٌ ذَكَرٌ أي شجاع شديدٌ. ويُدْعَى على الرجُلِ فيقالُ : سقاه الله دم الحيَّاتِ أي أهْلَكَه اللهُ. ويقال : رأيت في كتابٍ كتَبَه فلانٌ في أمرِ فلان حيَّاتٍ وعَقَارِبَ إذا مَحَلَ كاتبهُ برجُلٍ إلى سلطانٍ ليُوقِعَه في وَرْطة. ويقال للرجُلِ إذا طال عُمْره وللمرأَة المعمَّرة : ما هو إلا حيَّةٌ وما هي إلا حَيَّةٌ ، وذلك أن عمر الحيَّة يطول وكأنه سمّي حيَّةً لطول حياته وأنه قَلَّمَا يوجد ميِّتاً إلا أن يُقْتل. أبو العباس عن ابن الأعرابيّ : فلان حيَّةُ الوادي ، وحيَّةُ الأرْضِ وشيطان الحَمَاطِ إذا بلغ النهاية في الإرْب والخُبْثِ وأنشد الفرّاء :
كَمِثْلِ شَيْطَانِ الحَمَاطِ أَعْرَفُ
وقول مالك بن الحارث الكاهلي :
فلا يَنْجُو نَجَائي ثَمَ حَيٌ |
من الحَيَواتِ لَيْسَ له جَنَاحُ |
كل ما هُوَ حَيٌ ، فجمعه حَيَوات ، وتجمع الحيَّة حَيَوَات ، وفي الحديث : «لا بأس بقتل الحَيَوَات» جمع الحيَّة.
والحيَوَانُ اسمٌ يقع على كل شيءٍ حَيٍ. وسمَّى الله جلَّ وعزَّ الآخرة حيواناً فقال : (وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ) [العَنكبوت : ٦٤] فحدثنا ابن هَاجَك عن حمزة عن عبد الرازق عن معمر عن قتادة في قوله : (وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ) قال : هي الحَيَاةُ. قال الأزهري : معناه أَنَّ من صار إلى الآخرة لم يَمُتْ ودام حَيّاً فيها لا يموت ، فمن أُدْخِلَ الجنَّةَ حَيِيَ فيها حياة طيبة ، ومن دَخَلَ النارَ فإنّه لا يموت فيها ولا يَحْيَا ، كما قال الله جلَّ وعزَّ. وكُلُّ ذي رُوح حيوانٌ. والحيوان عَيْنٌ في الجنة. ابن هانىء عن زيد بن كَثوة : من أمثالهم : حَيَّهِنْ حِماري وحمارَ صاحبي. حَيِّهِنْ حِماري وَحْدي. يقال ذلك عند المَزْرِئَة على الذي يستحقّ ما لا يملِكُ مكابرَةً وظُلْماً ، وأَصْلُه أنَّ امرأَةً كانت رافقت رَجُلاً في سفَرٍ وهي راجلة وهُو على حِمَار ، قال فَأَوَى لَها وأَفْقَرها ظَهرَ حِمَارِه ، ومشى عنها ، فبينما هما في مسيرهما إذ قالت وهي راكبة عليه حَيَّهِن حِمارِي وحِمار صاحبي ، فسمع الرجل مقالَتهَا فقال : حَيَّهِنْ حِماري وَحْدي ، ولم يَحْفِل لقولها ولم يُنْغِضْها ، فلم يزالا كذلك حتى بلغت النَّاسَ فلمَّا وثقت قالت : حَيَّهِنْ حِمَاري وحْدِي وهي عليْه فنازَعَها الرجلُ إيّاه ، فاستغاثت عليه ، فاجتمع لهما الناسُ والمرأةُ راكبةٌ على الحمار والرجل راجل ، فَقُضِي لهَا عليه بالحمارِ لِمَا رَأَوْا فذهبت مثلاً.
وقال أبو زيد : يقال أرض مَحْيَاةٌ ومَحْوَاةٌ من الحَيَّات.