قال : أخرج نعته عَلَى الأعوامِ فَذكَّرَ ، ولو أخْرَجَهُ على السَّنواتِ لقال حَمْرَاوَاتٍ. وقال غَيْرُه : قيل لِسِني القَحْطِ حَمْرَاواتٌ لاحمرار الآفاق فيها. ومنه قول أُمَيّةَ :
وسُوِّدَت شَمْسُهُمْ إذا طَلَعَتْ |
بالجِلْبِ هفا كأنَّه كَتَمُ |
والكتم صِبْغٌ أحمرُ يُخْتَضَبُ به. والجِلْبُ السحابُ الرقيقُ الذي لا ماءَ فيه. والهَفُّ الرقيق أيضاً ونَصَبَه على الحال.
وفي حديث عليّ رضى الله عنه أنه قال : كُنَّا إذا احْمَرَّ البأسُ اتَّقَيْنَا برسول الله صلىاللهعليهوسلم العَدُوَّ. قال أبو عبيد قال الأصمعيُّ : يقال هو الموتُ الأَحْمَرُ والموتُ الأسودُ. قال ومعناه الشَّدِيدُ ، قال وَأَرَى ذلك من أَلْوَانِ السباعِ كأَنَّهُ من شِدَّته سَبُعٌ. وقال أبو زُبَيْدٍ يصف الأسد :
إِذَا عَلِقَتْ قِرْناً خَطَاطِيفُ كَفِّه |
رَأَى الموتَ بالعيْنَينِ أَسْودَ أَحْمَرا |
قال أبو عُبَيْدٍ فكأنَّه أَرَادَ بقَوْلِه احْمَرّ البَأْسُ أيْ صَارَ في الشدَّةِ والهَوْلِ مثل ذلك. وقال الأصمعيُّ يقال : هذه وَطْأَةٌ حمراءُ ، إذا كانت جديداً ووطأةٌ دَهْمَاءُ إذا كانت دَارِسَةً.
قال الأصمعيُّ ويجوزُ أن يكُون قَوْلُهمْ :الموتُ الأحمرَ من ذلك ، أي جديدٌ طريّ. ويروى عن عبد الله بن الصَّامِت أنه قال : أَسْرَعُ الأرض خَراباً البصرةُ ، قيل وما يُخْرِبُها؟ قال : القتْلُ الأَحْمَرُ والجوع الأغْبَرُ.
قلت والحَمْرُ بمعْنى القَشْرِ يكون باللِّسَان والسَّوْط والحَديد والمِحْمَرُ والمِحْلأُ : هو الحديدُ أو الحَجَرُ الذي يُحْلأُ به تحْلِىءُ الإهاب وَيُنْتَفُ. ويقال للهجين مِحْمَرٌ ولمَطَيَّةِ السُّوءِ مِحْمَر ، وَرَجُلٌ مُحْمَرٌّ ؛ لا يعطي إلَّا على الكَدِّ والإلْحَاحِ عليه. وقال شمر يقال حَمِرَ فلانٌ عليَ يَحْمَرُ حَمْراً إذا تَحَرَّق عليك غضباً وغيظاً. وهو رجل حَمِرٌ من قوم حَمِيرِين. قال وحِمِرُّ القَيْظ والشتاءِ أشَدُّهُ.
قال : والعربُ إذا ذكرت شيْئاً بالمشَقَّةِ والشِّدَّة وصَفَتْهُ بالحُمْرَةِ. ومنه قيل سنَةٌ حَمْرَاءُ للجَدْبَةِ.
قال : وقال ابن الأعرابيِّ في قولِهِمْ الحُسْنُ أَحْمَرُ يُرِيدُون إنْ تَكلَّفْتَ التَّحَسُّنَ والجَمَال فاصْبِرْ فيه على الأَذَى والمشقَّة. قال : وحَمَرْتُ الجِلْدَ إذا قَشَرْتَه وحلقتَه.
وقال الليث : حَمَارَّةُ الصيف شدة وَقْتِ حَرِّه. قال ولم أَسْمَع كلمة على تقدير فَعَالّة غيرَ الحمارَّة والزَّعَارَّة وهكذا.
قال الخليل قال الليث : وسمعت بعد ذلك بخُرَاسَان سبارَّةُ الشّتَاء وسمعت : إن وراءَك لَقُرَّاً حِمِرّاً. قلت : وقد جاءَتْ أَحْرُفٌ أُخَرُ على وزن فَعَالَّة.
روى أبو عبيدٍ عن الكسائيِّ : أَتَيْتُه في حَمَارَّةِ القيظ ، وفي صَبَارَّةِ الشّتاء بالصاد ، وهُمَا شِدَّةُ الحَرِّ والبَرْدِ. قال وقال الأمَوِيُّ : أتَيْتُه عَلَى حَبَالَّةِ ذَاك ، أي على حِينِ ذَاك ، وألقى فلان عَلَى عَبَالَّته أي ثِقله. قاله اليزيديُّ والأَحْمَرُ.