وقال أبو عُبيد : يقال لاحنْتُ الناس أي فاطَنْتهم وقال في تفسير حديث النبي صلىاللهعليهوسلم «لعل بَعْضَكُمْ أَن يَكُونَ أَلْحَنَ بحُجَّتِهِ من بَعْض» يعني أَفْطَنَ لها وأجْدَل. قال واللَّحَنُ بفتحِ الحاءِ الفِطْنَةُ. ومنه قولُ عمرَ بن عبدِ العزيز «عَجِبْتُ لمن لَاحَنَ النَّاسَ كيفَ لا يعرفُ جوَامعَ الكَلِم» قال ومنه قيل : رجل لَحِنٌ ، إذا كان فَطِناً. وقال لبيد :
مُتَعَوِّذٌ لَحِنٌ يعيد بِكَفِّه |
قَلَماً على عُسُبٍ ذَبُلْنَ وَبَانِ |
وأمّا قولُ عمر بن الخطاب «تعلموا اللَّحْنَ والفَرَائِضَ» فهو بتسكين الحاءِ ، قال أبو عبيد : وهو الخطأ في الكلام وقد لَحَنَ الرجلُ لَحْناً ومنه حديثُ أبي العاليةِ قال : «كنتُ أَطُوف مع ابنِ عبَّاس وهو يُعَلِّمُنِي لَحْنَ الكلام».
قال أبو عبيد : وإنما سماه لَحْناً لأنه إذا بصَّرَهُ الصوابَ فقد بصَّرَهُ اللَّحْن.
قال وقوله (وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ) أي في فَحْوَاهُ ومعناه.
وقال شَمِر قال أبو عدنان : سألت الكِلَابِيِّينَ عن قول عُمَرَ : «تعلّموا اللَّحْن في القرآنِ كما تَعَلَّمُونَه» ، فقالوا كُتِبَ هذا عن قَوْم لهم لَغْوٌ لَيْسَ كلَغْوِنا ، قلت مَا اللغْوُ؟ فقالَ : الفاسدُ من الكَلَامِ.
وقال الكلابيُّون : اللَّحْنُ اللُّغَةُ ، فالمعنى في قول عمر : تعلموا اللَّحْنَ فيه ، يقول : تعلَّموا كيفَ لُغَةُ العَرَبِ الذين نَزَلَ القرآنُ بِلُغَتِهم.
قال أبو عدنان : ويكون معنى تعلَّمُوا اللَّحْن فيه ، أي اعْرِفوا معانِيَه ، كقوله جلّ وعزّ : (وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ) [محَمَّد : ٣٠] أي في معناه وفحواه.
قال أبو عدنان وأخبرني أو زيد : أَنَّ معنَى قولِ عُمَرَ : «أُبَيُّ أَقْرَؤُنَا ، وإنَّا لنَرْغَبُ عن كثيرٍ من لَحْنِهِ» قال لَحْنُ الرجل لغَتُه.
وأنشدَتْني الكلبيَّةُ :
وقومٌ لهم لحنٌ سِوَى لَحْنِ قَوْمِنَا |
وشَكْلٌ وبيتِ الله لَسْنَا نُشَاكِلُهْ |
وقال عبيد بن أيوب :
ولله دَرُّ الغُولِ أيُّ رفيقةٍ |
لصاحِبِ قَفْرٍ خائفٍ يَتَقَتَّرُ |
|
فلما رأتْ أَلَّا أُهَالَ وأنني |
شُجاعٌ إذا هُزَّ الجَبَان المطيَّرُ |
|
أتَتْنِي بِلَحْن بعد لحْنٍ وأوْقَدَتْ |
حَوَالَيَّ نيراناً تَبُوخُ وتَزْهَرُ |
قال الليثُ : والألحانُ الضُّرُوبُ من الأصْوَاتِ الموْضُوعَةِ المصُوغَة ، قال : واللَّحْنُ تَرْكُ الصّوابِ في القراءة والنَّشيد ، يُخَفَّفُ ويثَقَّل ، قال واللَّحَّانُ واللَّحَّانَةُ : الرجلُ الكثيرُ اللَّحْن ، وقال غيرُه في قول الطرماح :
وأَدَّتْ إليَّ القَوْلَ عَنْهُنَّ زَوْلَةٌ |
تُلَاحنُ أو تَرْنُو لقول المُلَاحن |
أي تَكلَّم بمعنى كلامٍ لا يُفْطَنُ له ويَخْفَى على الناس غيري. وقال بعضهم في قوله : منطق صائب وتلحن أحياناً : إنَّها تُخْطىءُ في الإعرَابِ ، وذلك أنه يُسْتَمْلَحُ من