إليه من الحِرْقِ لتأبير نخِيله الإناثِ ، فإذا بَاع واحدٌ من الشركاءِ نصيبَه من ذلك الفحْل بعض الشركاءِ فيهِ لم يكن للباقين من الشركاء شُفْعَةٌ في المَبِيع ، والّذي اشتراه أَحَقُّ بِهِ لأَنَّه لا يَنْقسِمُ ، والشُّفْعَةُ إنّما تَجِبُ فيما يَنْقَسِمُ ، وهذا مذهبُ أَهْلِ المدينة وإليْه يذهبُ الشَّافِعِي ومالكٌ وهو مُوافِقٌ لحديث جابر «إنما جَعَل رسول الله صلىاللهعليهوسلم الشفْعَةَ فيما لَمْ يُقْسَمْ ؛ فإذا حُدَّتْ الحدُودُ فلا شُفْعَة لأن قوله عليهالسلام «فيمَا لَمْ يُقْسَمْ» دليلٌ على أنه جَعَل الشفعة فيما يَنْقَسِمُ ، فأما ما لا يَنْقَسِمُ مثلُ البئر وفَحْلِ النّخيلِ يُبَاع منهما الشِّقْص بأَصْلِه من الأَرْض فلا شُفْعَة فيه لأَنه لا ينقسمِ ، وكان أبُو عُبَيْدِ رحمهالله فسّرَ حديث عثمانَ هَذَا تفسيراً لم يرْتَضِه أهْلُ المعرفة ولذلك تركته ولم أَحْكِهِ بعيْنِه ، وتفسيرُه عَلَى ما بيَّنْتُه. وفُحُول الشُّعَراءِ هم الذين غَلَبُوا بالهِجاء مَنْ هَاجَاهُم ، مثلُ جريرِ والفرزدقِ وأَشْبَاهِهمَا ، وكذلك كُل من عَارضَ شاعراً فغُلّب عليه ، مثل علْقَمَةَ بْنِ عَبَدةَ ، وكان يسمى فَحْلاً لأنَّه عارض امْرَأ القَيْسِ في قصيدته التي يقول في أولها :
خَلِيلَيَّ مُرَّا بِي على أُمِّ جُنْدُبِ
بقوله في قصيدته :
ذهبتَ من الهُجْران في غيرِ مَذْهَبِ
وكلُّ واحدٍ منهمَا يعارِضُ صاحبَه في نعته فَرَسَه ، فَفُضِّلَ علقَمةُ عليه ، ولُقِّبَ الفَحْل.
وقال شمر : قيل للحصير فَحْلٌ لأنه يُسَوّى من سَعَفِ الفَحْلِ من النَّخِيلِ ، فتُكُلِّمَ به على التَجَوُّزِ كما قَالُوا فلانٌ يَلْبَس القطن والصوف ، وإنما هي ثياب تغزَل وتتَّخذ منهما ، وقال المرار :
والوحشُ ساريةٌ كأَنَّ مُتُونها |
قُطْنٌ تُباعُ شَدِيدَةُ الصَّقْلِ |
أراد كأنَّ مُتُونها ثيابُ قطنٍ لشدَّة بياضها.
حفل : قال الليث الحَفْلُ اجْتِماعُ الماء في مَحْفِلِه تقول حَفَلَ الماءُ حُفُولاً وحَفْلاً. وحَفَلَ القومُ إذا اجتمعوا والمحْفِلُ المجْلِس ، والمُجْتَمَع في غيرِ مَجْلِسٍ أَيْضاً ، تقول احْتَفَلوا أي اجْتَمَعوا وشاةٌ حَافِلٌ ، وقد حَفَلَتْ حُفُولاً إذا احْتَفَلَ لَبَنُها في ضَرْعها ، وهن حُفَّلٌ وحَوَافِلُ. وفي الحديث «من اشْتَرى مُحَفَّلَةً فلم يَرْضَها رَدّها وَرَدَّ معها صاعاً من تَمْر» والمُحَفَّلَةُ النّاقة أو البقرة أو الشاة لا يحلِبُها صاحبُها أيّاماً حتى يجتمعَ لَبَنُها في ضَرْعها فإذا احْتَلَبَها المُشْتَرِي وَجَدَها غَزِيرَةً فزَادَ في ثَمَنِها ، فَإِذَا حَلَبَها بعد ذلك وَجَدها ناقِصة اللَّبَن عما حَلَبه أيامَ تَحْفِيلِها ، فجعلَ النبيُّ صلىاللهعليهوسلم بَدَل لَبن التَّحْفِيل صاعاً من تَمْر ، وهَذا مذْهَبُ الشّافِعيّ وأهلِ السُّنَّة الذين يقولون بسنّة النبي صلىاللهعليهوسلم.
والمُحَفَّلَةُ والمُصَرَّاةُ واحدةٌ وجاء في حديث رُقْيَةِ النملةِ «العروس تَقْتَالُ وتَحْتَفِلُ وكلُّ شيء تَفْتَعِل ، غيرَ أَنَّها لا تَعصِي الرجُل» ومعنى تَقْتَال أي تَحْتَكِم على زَوْجِها وتَحْتَفِلُ أي تَتَزَيَّن وتحتَشِد للزِّينَة ، يقال حَفَّلْتُ الشيء أي جَلَوْتُه وقال بشر يصف جاريته :
رَأَى دُرَّةً بيضاءَ يَحْفِلْ لَوْنُها |
سُخَامٌ كغِربان البريرِ مُقَصَّبُ |