حدَّثَنَا الحسين قال حدثنا عثمان قال حدثنا وكيعٌ عن مرزوق قال سمعت الضَّحَّاك يقول في قوله تعالى : (حُنَفاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ) [الحَجّ : ٣١] قال حُجَّاجاً وكذلك قال السّدي قال حُنَفاءَ حُجَّاجاً.
وقال أبو إسحاق الزجاج نَصَبَ (حَنِيفاً) في هذه الآيةِ على الحَالِ ، المعنى بل نَتَّبعُ مِلَّةَ إبراهيم في حَالِ حَنِيفِيَّتِه ، ومَعْنَى الحَنِيفِيَّةِ في اللغة المَيْلُ ، والمعنى أَنَّ إبراهيم حَنَفَ إلى دين الله ـ ودين الإسلام ـ فإنما أُخِذَ الحَنَفُ من قولهم : رِجْل حَنْفَاءُ ورَجُلٌ أَحْنَفُ ، وهو الذي تَمِيلُ قَدَمَاه كلُّ واحدةٍ إلى أُختِها بِأَصَابعها.
وقال الفرَّاءُ : الحنيفُ مَنْ سُنَّتُهُ الاخْتِتَانُ. وقال اللَّيْثُ السُّيُوف الحنيفية تنسب إلى الأحْنفِ بْنِ قَيْسٍ لأنه أَوَّلُ مَنْ أَمَرَ باتِّخَاذِها. قال : والقياس أحْنَفِيُ. وبنو حنيفةَ حَيٌّ من ربيعةَ. ويقال : تَحَنَّفَ فلانٌ إلى الشيء تحنُّفاً إذا مال إليه. وحَسَبٌ حَنِيفٌ أي حديث إسلامي لا قَدِيمَ له.
وقال بن حَبْنَاء التميميُّ :
وماذَا غيرَ أنك ذو سِبَالٍ |
تُمَسِّحُها وذُو حَسَبٍ حَنِيفِ |
ثعلب عن ابن الأعرابي : الْحَنْفَاءُ شجرةٌ.
والحَنْفَاءُ القوس ، والحَنْفَاءُ الموسى ، والحَنْفَاءُ السُّلَحْفَاةُ ، والحنْفَاء الحرباءة ، والحَنْفَاء الأَمَة المتلوّنة تكسَل مَرة وتنشط أُخْرَى.
نحف : قال اللَّيثُ : نَحُفَ الرجل يَنْحُفُ نحافة فهو نَحِيفٌ قَضِيفٌ ضَرِبٌ قليل اللحم ، وأنشد :
ترى الرَّجُلَ النحيفَ فَتَزْدَرِيه |
وتَحْتَ ثِيَابِه رَجُلٌ مَزِير |
نفح : أخبرني المنذريُّ عن ثعلب عن ابن الأعرابي قال : النَّفِيحُ والمِنفَحُ والمِعَنُّ الداخل مع القومِ وليس شأنُه شَأْنَهُم.
قال الأزهري : هكذا جَاء به في هذا الموضع. وقال في موضع آخر : النَّفِيج ـ بالجيم ـ الذي يَعْتَرِضِ بين القوم وَلا يُصلح ولا يفسد ، وهَذَا قَوْلُ ثعلب.
قال : وقال ابن الأعرابي : النَّفِيحُ الذي يَجيءُ أَجْنَبِيّاً فيدخلُ بين القوم ويسُلّ بينهم ويُصلح أمرهم.
وقال اللَّيْثُ : نَفَح الطيبُ يَنْفَحُ نَفْحاً ونُفُوحاً إذا فَاح رِيحُه ، وله نَفْحَةٌ طيِّبةٌ ونَفْحَةٌ خبيثَةٌ ونَفَحت الدابة إذا رمِحت بِرِجْلِها ورمت بحدّ حافرها.
ونَفَحَهُ بالسّيف إذا تناوله شَزْراً ، ونَفَحَه بالمال نَفْحاً ؛ ولا تزال له نَفَحَاتٌ من المعْرُوفِ أي دفعات. قال : والله هو النَّفَّاحُ المُنْعِمُ على عبَادِه. قلت : لم أَسْمَعْ النَّفَّاحَ في صفات الله التي جاءت في القرآن ثُمَّ في سُنَّةِ المصطفى عليهالسلام ، ولا يجوز عند أَهْلِ العِلْم أن يُوصف الله جل وعز بصفة لم يُنْزِلْها في كتابه ، ولم يبيِّنْهَا على لسان نَبِيِّه عليهالسلام. وإذا قِيلَ للرَّجُل نَفَّاحٌ فمعناه الكثير العَطَايَا.