ويقالُ حاشَى لِفُلانٍ ، وحَاشَا فلاناً وحَشَى فُلَانٍ. قال عمرُ بن أبي ربيعة :
من رَامَها حاشَى النَّبِيَّ وَأَهْلهُ |
في الفَخْرِ غَطْمَطَهُ هناك المُزْبِدُ |
وأنشد الفراء :
حشَى رَهْطِ النَّبِيِّ فإنّ منهم |
بُحوراً لا تكدِّرُها الدَّلَاءُ |
فمن قال حاشى لِفُلانٍ خَفَضَه باللام الزائدة ، ومن قال حَاشى فلاناً أضمر في حاشَى مرفوعاً ونصبَ فلاناً بحَاشَى ، والتقدير حاشَى فِعْلُهُم فلاناً. ومن قال حاشى فلانٍ خفض بإضمار اللام لِطُول صُحبتها حَاشَى ، ويجوز أن تَخْفِضَه بحاشى لأنَ حَاشَى لَمَّا خلت من الصَّاحِب أَشْبَهت الاسم فَأَضيفَتْ إلى ما بَعْدَها. ومن العرب من يقول حَاشَ لفُلان فيُسقط الألف ، وقَدْ قُرِىءَ في القرآن بالوجهين. قلت (حاشَ لِلَّهِ) كان في الأصل حاشَى لله فلما كثُرَ في كَلَامِهمْ حَذَفُوا الياءَ وجُعِلَ اسماً وإن كان في الأصل فِعْلاً ، وهو حَرْفٌ من حُرُوفِ الاستثناء مثل عدا وخَلَا ولِذَلِكَ خَفَضوا بِحَاشى كما خَفَضُوا بهما لأنهما جُعِلا حَرْفين وإن كان في الأصْل فعلين. وقال أبو إسحاق في قوله (قُلْنَ حاشَ لِلَّهِ) [يُوسُف : ٥١] اشتُق هذا من قَوْلِك كُنْتَ في حَشَا فَلَانٍ أي في ناحِيَتِه فالمعنى في حاشى لله براءة لله من هذا التَنَحّي. المعنى قد نَحَّى الله هذا من هذا وإذا قُلْتَ حَاشَ لِزَيْدٍ من هذا فالمعنى قد تَنَحَّى زَيْدٌ من هذا وتَبَاعَد مِنْهُ ، كما تقول تَنَحَّى من النَّاحِيَةِ ، كذلك تَحاشَى من حاشِية الشيء وهو ناحيته. وأنشد أبو بكر بن الأنباري في الحشا الناحية :
يقول الَّذِي أَمْسَى إلى الحَزْن أهْلُهُ |
بأيّ الحَشَا أمسى الحبيبُ المبَايِنُ |
وقال أبو بكر بن الأنباري في قولهم : حاشَى فلاناً ، معناه قد استثنَيْتُه وأخرجْتُه فلم أُدْخِلْه في جُمْلَة المذكورين. قلت : جعله من حَشَا الشَّيْءِ وهو ناحيتُه. وأنشد الباهليُّ في المعاني :
ولا يتحَشَّى الفحلُ إن أَعْرَضَتْ بِه |
ولا يَمْنَعُ المِرْبَاعَ منه فَصِيلُها |
قال لا يَتَحَشَّى لا يُبالي مَنْ حاشى. يقال : شتَمْتُهم فما تحشَّيت منهم أَحَداً وما حاشَيتُ منهم أحداً أي ما بالَيْتُه مِنْ حاشى فلانٌ ، وقال ابن الأعرابيّ تحشَّيْتُ من فلانٍ أي تَذَمَّمْتُ وقال الأخطل :
فلو لا التَّحَشي من رِياحٍ رمَيْتُها |
بكالِمةِ الأنْيابِ باقٍ وُسومُها |
حوش (حاشا): قال الليث : المَحاش كأنه مَفْعل من الحَوْشِ. وهو قَوْمٌ لفيف أُشابَةٌ.
وأنشد بيتَ النابِغة :
جَمِّعْ مَحاشَكَ يا يزيدُ فإنَّني |
أَعْدَدْتُ يَربوعاً لكم وتمِيماً |
قلت غلط الليث في المَحاش من جهتين إحْداهُما فَتْحُه المِيم وجعلُه إيَّاه مَفْعَلاً من الحَوْش ، والجهةُ الأخرى ما قال في تفسيرِه ، والصواب المِحاشُ بكسر الميم ، قال أبو عبيدة فيما يَرْوِي عنه أبو عبيد وهو قول ابن الأعرابيّ إنَّما هو : جمّع