ويقال للجائع الخالي البطنِ : قد توحَّش. أبو عبيد عن أبي زيد : رجل موحِشٌ وَوَحْشٌ وهو الجائع من قوم أَوْحاشٍ. يقال بات وَحْشاً وَوَحِشاً أي جائعاً. ويقال توحّش فلان للدواء إذا أَخْلى مَعِدتَه ليكون أسهلَ لخروج الفضولِ من عُروقه.
وفي حديث الحَرورِيّين الذين قاتلوا عَلِياً بالنهرَوَان أنهم وحَّشوا برماحهم أي رَمَوْا بها على بُعْدٍ منهم. يقال للرجل إذا كان بيده شيءٌ فَزَجَّه زَجّاً بعيداً قد وحّش به وقال :
إن أنتم لم تطلبوا بأخيكم |
فَذروا السلاح ووحِّشوا بالأبْرَقِ |
وقال الليث : يقال للمكان الذي ذهبَ عنه الناسُ قد أَوْحَشَ ، وطلَلُ موحِشُ وأنشد :
لِسَلْمى موحِشاً طَلَلُ |
يلوح كأنَّه خِلل |
نَصَبَ موحِشاً لأنه نَعْتُ النكرةِ مُقدَّماً وأنشد :
مَنازِلُها حِشونا
على قياس سنون ، وفي موضع النصبِ والجرِ حِشِيْنَ مثل سِنين ، وأنشد :
فأمْسَتْ بَعْدَ ساكنِها حِشِينا
قلت أنا : حِشُون جمع حِشَةٍ وهو من الأسماء الناقِصة وأصلها وَحْشَةٌ فنقص منها الواوُ كما نقصوها من زِنَةٍ وصِلَةٍ وعِدَةٍ ، ثم جَمَعوها على حِشِينَ كما قالوا عِزِين وعِضِينَ من الأسماء الناقصة.
أبو العباس عن ابن الأعرابي : وحش فلانٌ بثوبه ووحَشَ بدرْعه إذا أرهقه طالبُه فخافَ أن يلحقَه فرسَ بِدرْعه ليُخَفِّفَ عن دابّته ونحوِ ذلك.
قال الليثُ : ورأيت في كتابٍ أَنَّ أبا النجم وَحَش بِثيابه وارْتدَّ يُنْشِد ، أي رَمَى بثيابه قال والوَحْشيُ والإنسي شِقّا كُلِّ شيء ، فإنسيّ القَدَمِ من الإنسان مَا أَقْبَلَ منها على القَدم الأُخْرَى ووحشيُّها ما خالَفَ إنسيها ، عن ابن الأعرابي قال ووحشيُ القوس الفارسيّة ظهْرُها وإنسيُّها بَطْنُها المقبلُ عليك. قال : ووحْشِيُ كلِّ دابَّةِ شقُّه الأَيْمَنُ وإنسيُّه شقه الأيْسر قلت جَوَّد ابنُ المظفَّر في تفسير الوحشيّ والإنسيّ ووافَقَ قولُه قولُ أَئِمتنا المتقنين.
وروى أحمد بن يحيى عن المفضّل وروي عن أبي نصرٍ عن الأصمعيّ وروي عن الأَثْرَم عن أبي عبيدة قالوا كلهم : الوحشيُ من جميع الحيوان ـ ليس الإنسانَ ـ هو الجانبُ الذي لا يُرْكَبُ منه ولا يُحْلَبُ ، والإنسيّ الجانب الذي يُركبُ منه ويحلب منه الحالبُ ، قال أبو العباس واختلف الناس فيهما من الإنسان ؛ فبعضهم يُلْحِقُه بالخيلِ والإبلِ ، وبعضهم فرّق بينهما فقال الوحشيّ ما وَلِيَ الكَيْفَ ، والإنسيّ ما وَلِيَ الإبِطَ ، قال وهذا هو الاختبار ليكون فَرْقا بين بني آدمَ وسائِر الحيوان. وروى أبو عبيد عن أبي زيد والعَدَبَّس الكناني ، في الوحشِيّ والإنسيِّ من البهائِم مثلَ ما روى أحمدُ بن يحيى عن المفضّل والأصمعيّ وأبي عبيدة ، وهكذا قال ابن شميل. ورأيت كلام العرب على ما قالوه ، وقد روى أبو عبيدٍ عن الأصمعيّ في الوحْشِيّ