عن نصرته ، نحن لا نقول بوثاقة الرجل فيما يرويه كما لا نقول بسداده فيما يرتئيه ، غير أنّ الحالة تشهد أنّ تلكم النسبة كانت مشهورة بين الملأ فاحتجّ بها الحجّاج على ما ارتكبه من إهانتهم ولم يظهر من القوم أيّ إنكار لما رُموا به ردءاً لعادية الطاغية ، لكنّهم صبروا على البلاء وشدّة النازلة ثباتاً منهم على ما ارتكبوه في واقعة الدار.
ـ ٢٢ ـ
حديث جبلة بن عمرو (١) بن ساعدة الساعدي الأنصاري (بدريّ)
أخرج الطبري من طريق عثمان بن الشريد قال ؛ مرّ عثمان على جبلة بن عمرو الساعدي وهو بفناء داره ومعه جامعة ، فقال : يا نعثل والله لأقتلنّك ولأحملنّك على قلوص جرباء ، ولأخرجنّك إلى حرّة النار ، ثمّ جاءه مرّة أخرى وعثمان على المنبر فأنزله عنه.
وأخرج من طريق عامر بن سعد ؛ قال : كان أوّل من اجترأ على عثمان بالمنطق السيّئ جبلة بن عمرو الساعدي ، مرّ به عثمان وهو جالس في نديّ قومه ، وفي يد جبلة بن عمرو جامعة ، فلمّا مرّ عثمان سلّم ، فردّ القوم ، فقال جبلة : لم تردّون على رجل فعل كذا وكذا؟ قال : ثمّ أقبل على عثمان فقال : والله لأطرحنّ هذه الجامعة في عنقك أو لتتركنّ بطانتك هذه. قال عثمان : أيّ بطانة؟ فو الله إنّي لأَتخيّر الناس. فقال : مروان تخيّرته! ومعاوية تخيّرته! وعبد الله بن عامر بن كريز تخيّرته! وعبد الله بن سعد تخيّرته! منهم من نزل القرآن بذمّه وأباح رسول الله دمه (٢) قال : فانصرف عثمان ، فما زال الناس مجترئين عليه إلى هذا اليوم.
__________________
(١) قال البلاذري في الأنساب : ٥ / ٤٧ [٦ / ١٦٠] : قال الكلبي : هو رخيلة بن ثعلبة البياضي ، بدريّ. (المؤلف)
(٢) هو عبد الله بن سعد ، راجع ما أسلفناه في : ٨ / ٢٨٠. (المؤلف)