المغالاة في فضائل الخلفاء الثلاثة
أبي بكر ، عمر ، عثمان
لقد أوقفناك على شيء من الغلوّ الفاحش في كلّ فرد من هؤلاء ، وعرّفناك أنّ كلّ ما لفّقه القوم ورمّقه من الفضائل إنّما هي من مرمّعات الحديث لا يساعدها المعروف من نفسيّاتهم وملكاتهم ، ولا يتّفق معها ما سجّل لهم التاريخ من أفعال وتروك ، وهلمّ الآن إلى لون آخر ممّا تمنّته يد الافتعال يشملهم كلّهم ، ولا نكترث من ذلك إلاّ لما جاء بصورة الرواية دون الأقوال والكلمات ، فإنّ رمي القول على عواهنه ممّا لا نهاية له ، وما حدت إليه الأهواء والشهوات لا تقف على حدّ ، فنمرّ بما جاء به أمثال أبناء حزم وتيميّة والجوزي والجوزيّة وكثير وحجر ومن لفّ لفّهم من السلف والخلف كراماً ، فأنّى يسع لنا التبسّط تجاه مزعمة نظراء التفتازاني وأمثاله ، قال في شرح المقاصد (١) (٢ / ٢٧٩) : احتجّ أصحابنا على عدم وجوب العصمة بالإجماع على إمامة أبي بكر وعمر وعثمان رضى الله عنهم مع الإجماع على أنّهم لم تجب عصمتهم ، وإن كانوا معصومين ، بمعنى أنّهم منذ آمنوا كان لهم ملكة اجتناب المعاصي مع التمكّن منها.
وقال أبو الثناء شمس الدين محمود الأصبهاني المتكلّم الشهير في مطالع الأنظار (ص ٤٧٠) : ولا يشترط فيه العصمة خلافاً للإسماعيلية والاثني عشريّة لنا : إمامة أبي بكر والأُمّة اجتمعت على كونه غير واجب العصمة لا أقول إنّه غير معصوم. انتهى. وأقرّ عصمة عثمان الحافظ نور محمد الأفغاني في كتابه تاريخ مزار شريف (ص ٤).
__________________
(١) شرح المقاصد : ٥ / ٢٤٩.