كريز وفيها صراحة بسبب اغتراب كعب وجفوته وشتمه ، وأنّها كانت في ذات الله ، يقول ذلك بملء فمه ، ولا يردّ عليه رادّ بأنّها ليست في ذات الله وإنّما هي لأنّه كان يعالج نيرنجاً.
هكذا لعبت بالتاريخ يد الأهواء والشهوات تزلّفاً إلى أُناس وانحيازاً عن آخرين (فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ) (١).
ـ ٤٦ ـ
تسيير الخليفة عامر بن عبد قيس التميمي البصري
الزاهد الناسك إلى الشام
أخرج الطبري (٢) من طريق العلاء بن عبد الله بن زيد العنبري أنّه قال : اجتمع ناس من المسلمين فتذاكروا أعمال عثمان وما صنع ، فاجتمع رأيهم على أن يبعثوا إليه رجلاً يكلّمه ويخبره بأحداثه ، فأرسلوا إليه عامر بن عبد الله التميمي ثم العنبري وهو الذي يدعى عامر بن عبد قيس ، فأتاه فدخل عليه فقال له : إنّ ناساً من المسلمين اجتمعوا فنظروا في أعمالك فوجدوك قد ركبت أموراً عظاماً فاتّق الله عزّ وجلّ وتب إليه وانزع عنها. قال له عثمان : انظر إلى هذا فإنّ الناس يزعمون أنّه قارئ ثمّ هو يجيء فيكلّمني في المحقّرات فو الله ما يدري أين الله. قال عامر : أنا لا أدري أين الله؟ قال : نعم ، والله ما تدري أين الله. قال عامر : بلى والله إنّي لأدري إنّ الله بالمرصاد لك. فأرسل عثمان إلى معاوية بن أبي سفيان ، وإلى عبد الله بن سعد بن أبي سرح ، وإلى سعيد بن العاص ، وإلى عمرو بن العاص ، وإلى عبد الله بن عامر فجمعهم ليشاورهم في أمره وما طلب إليه وما بلغ عنهم. فلمّا اجتمعوا عنده قال لهم : إنّ لكلّ امرئ وزراء ونصحاء وإنّكم وزرائي ونصحائي وأهل ثقتي ، وقد صنع الناس ما قد رأيتم ، وطلبوا
__________________
(١) الزخرف : ٨٣ ، والمعارج : ٤٢.
(٢) تاريخ الأُمم والملوك : ٤ / ٣٣٣ حوادث سنة ٣٤ ه.