للمحبّ الطبري ، وتاريخ أبي الفداء ، وتاريخ ابن خلدون ، والبداية والنهاية لابن كثير ، والصواعق لابن حجر ، وتاريخ الخلفاء للسيوطي ، وروضة المناظر لابن الشحنة الحنفي ، وتاريخ أخبار الدول للقرماني ، وتاريخ الخميس للديار بكري ، ونزهة المجالس للصفوري ، ونور الأبصار للشبلنجي ، تجده مشحوناً بتلكم الموضوعات المسلسلة ، أتوا بها مرسلين إيّاها إرسال المسلّم ، وشوّهوا بها صحيفة التاريخ بعد ما سوّدوا صحائفهم ، وموّهوا بها على الحقائق الراهنة.
وجاء بعد هؤلاء المحدثون المتسرّعون وهم يحسبون أنّهم يمحّصون التاريخ والحديث تمحيصاً ، ويحلّلون القضايا والحوادث تحليلاً صحيحاً ، متجرّدين عن الأهواء والنزعات غير متحيّزين إلى فئة ، ولا جانحين إلى مذهب ، لكنّهم بالرغم من هاتيك الدعوى وقعوا في ذلك وهم لا يشعرون ، فحملوا إلينا كلّ تلكم الدسائس في صور مبهرجة رجاء أن تنطلي عند الرجرجة الدهماء ، لكن قلم التنقيب أماط الستار عن تمويههم ، وعرّف الملأ الباحث أنّهم إنّما ردّوا ما هنالك من بوائق ومخازي.
كما ردّها يوماً بسوأته عمرو
وأثبتوا فضائل بنيت على أساس منهدم ، وربطوها بعرى متفككة.
[الفتوحات الإسلامية :]
فهلمّ معي نقرأ صحيفة من الفتوحات الإسلامية تأليف مفتي مكة السيّد أحمد زيني دحلان ممّا ذكره في الجزء الثاني من سيرة الخلفاء الأربعة (ص ٣٥٤ ـ ٥١٧) قال (١) في (ص ٤٩٢) تحت عنوان : ذكر ما كان لسيّدنا عثمان من الاقتصاد في الدنيا وحسن السيرة : كان عثمان رضى الله عنه زاهداً في الدنيا ، راغباً في الآخرة ، عادلاً في بيت المال (٢) لا يأخذ لنفسه منه شيئاً (٣) لأنّه كان غنيّا ، وغناه كان مشهوراً في حياة
__________________
(١) الفتوحات الإسلامية : ٢ / ٣٢٣ ـ ٣٢٥.
(٢) فلما ذا نقم عليه الصحابة أجمع؟ ولما ذا قتلوا ذلك الزاهد الراغب العادل. (المؤلف)
(٣) راجع الجزء الثامن : ص ٢٨١ ، ٢٨٢. (المؤلف)