عليه متحوّبين في نهضتهم وإلاّ لساءه ذلك فضلاً عن أن يسكت عنهم ، أو يطريهم كما سمعته من كتابه إلى أهل مصر ، أو يرى الخاذلين له خيراً ممّن نصره ولو كان يراه إمام عدل ، فأقلّ المراتب أن يقول : إنّ ناصره خير من خاذله. بل الشأن هذا في أفراد المسلمين العدول من الرعيّة فضلاً عن إمامها.
وحديث شكاية عثمان إلى عمّه العبّاس المتوفّى سنة (٣٢) يعلمنا بأنّ الخلاف والتشاجر بينهما كانا قبل تجمهر الثائرين عليه في أواسط أيّام خلافته قبل وفاته بأعوام ، وقول أمير المؤمنين له : «لو أمرني عثمان أن أخرج من داري لخرجت». فيه إيعاز إلى أنّ إنكاره عليهالسلام على الرجل لم يكن قطّ في الملك ، وما كان يرضى بشقّ عصا المسلمين بالخلاف عليه في أمره ، وإنّما كان للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ولم يك يرى لنفسه بُدّا من ذلك.
ولو أمعنت النظر فيما سردناه من ألفاظه الدرّيّة لانفتح عليك أبواب من رأي الإمام عليهالسلام في الخليفة لم نوعز إليها ، ويُعرب عن رأيه فيه ما مرّ في (٨ / ٢٨٧).
من خطبة له عليهالسلام خطبها في اليوم الثاني من بيعته من قوله : «ألا إنّ كلّ قطيعة أقطعها عثمان ، وكلّ مال أعطاه من مال الله فهو مردود في بيت المال». فلو كان الرجل إمام عدل عند الإمام عليهالسلام لكان أخذه وردّه وقطعه وعطاؤه حجّة لا يتطرّق إليها الردّ ، ولكن ....
ـ ٢ ـ
حديث عائشة بنت أبي بكر أُمّ المؤمنين
١ ـ قال ابن سعد (١) : لمّا حُصر عثمان كان مروان يُقاتل دونه أشدّ القتال ، وأرادت عائشة الحجّ وعثمان محصور ، فأتاها مروان وزيد بن ثابت وعبد الرحمن بن
__________________
(١) الطبقات الكبرى : ٥ / ٣٦.