ـ ٤٢ ـ
الخليفة يخرج ابن مسعود من المسجد عنفاً
أخرج البلاذري في الأنساب (١) (٥ / ٣٦) قال : حدّثني عبّاس بن هشام عن أبيه عن أبي مخنف وعوانة في إسنادهما : أنّ عبد الله بن مسعود حين ألقى مفاتيح بيت المال إلى الوليد بن عقبة قال : من غيّر غيّر الله ما به ، ومن بدّل أسخط الله عليه ، وما أرى صاحبكم إلاّ وقد غيّر وبدّل ، أيُعزل مثل سعد بن أبي وقّاص ويولّى الوليد؟ وكان يتكلّم بكلام لا يدعه وهو :
إنّ أصدق القول كتاب الله ، وأحسن الهدى هدى محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وشرّ الأُمور مُحدَثاتها ، وكلّ مُحدَث بدعة ، وكلّ بدعة ضلالة ، وكلّ ضلالة في النار (٢).
فكتب الوليد إلى عثمان بذلك وقال : إنّه يعيبك ويطعن عليك ، فكتب إليه عثمان يأمره بإشخاصه ، فاجتمع الناس فقالوا : أقم ونحن نمنعك أن يصل إليك شيء تكرهه ، فقال : إنّ له عليّ حقّ الطاعة ولا أُحبّ أن أكون أوّل من فتح باب الفتن. وفي لفظ أبي عمر : إنّها ستكون أمور وفتن لا أُحبّ أن أكون أوّل من فتحها. فردّ الناس وخرج إليه (٣).
قال البلاذري : وشيّعه أهل الكوفة ، فأوصاهم بتقوى الله ولزوم القرآن ، فقالوا له : جُزِيت خيراً فلقد علّمت جاهلنا ، وثبّت عالمنا ، وأقرأتنا القرآن ، وفقّهتنا في الدين ، فنعم أخو الإسلام أنت ونعم الخليل. ثمّ ودّعوه وانصرفوا.
__________________
(١) أنساب الأشراف : ٦ / ١٤٦.
(٢) هذه جملة من كلمة ابن مسعود ، وقد أخرجها برمّتها أبو نعيم في حلية الأولياء : ١ / ١٣٨ [رقم ٢١] وهي كلمة قيّمة فيها فوائد جمّة. (المؤلف)
(٣) الاستيعاب : ١ / ٣٧٣ [القسم الثالث / ٩٩٣ رقم ١٦٥٩]. (المؤلف)