وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إنّ الجنّة تشتاق إلى أربعة : عليّ ، وعمّار ، وسلمان ، والمقداد» ، أخرجه أبو نعيم في حلية الأولياء (١ / ١٤٢).
فهذا الرجل الدينيّ الذي يحبّه الله ويأمر نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم بحبّه كان ناقماً على الخليفة واجداً على خلافته من أوّل يومه ، متلهّفاً على استخلافه تلهّف من كأنّ الدنيا كانت له فَسُلبها ، وكان يُثبّط الناس ويُخذّلهم عنه ، ويرى إمرته إمراً من الأمر (١) وإدّا ، يعتقدها ظلماً على أهل بيت العصمة ، ويستنجد أعواناً يقاتل بهم مستخلفيه كقتاله إيّاهم يوم بدر ، هذا رأيه في عثمان من يوم الشورى قبل بوائقه ، فكيف بعد ما شاهد منه من هنات وهنات؟
ـ ١٠ ـ
حديث حجر بن عدي الكوفي
سلام الله عليه وعلى أصحابه
إنّ معاوية بن أبي سفيان لمّا ولّى المغيرة بن شعبة الكوفة في جمادى سنة (٤١) دعاه فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال : أمّا بعد ؛ فإنّ لذي الحلم قبل اليوم ما تُقرَع العصا ، وقد قال المتلمّس (٢) :
لذي الحلم قبل اليوم ما تُقرع العصا |
|
وما عُلّم الإنسان إلاّ ليعلما |
وقد يجزي عنك الحكيم بغير التعليم ، وقد أردت إيصاءك بأشياء كثيرة فأنا تاركها اعتماداً على بصرك بما يرضيني ، ويسعد سلطاني ، ويصلح به رعيّتي ، ولست تاركاً إيصاءك بخصلة : لا تتحمّ (٣) عن شتم عليٍّ وذمّه ، والترحّم على عثمان
__________________
(١) يقال : أمر إمر أي عجب منكر.
(٢) هو جرير بن عبد المسيح من بني ضبيعة ، توجد ترجمته في الشعر والشعراء لابن قتيبة : ص ٥٢ [ص ٩٩] ، وفي المؤتلف والمختلف : ص ٧١ ، ٢٠٢ ، ٢٠٧. (المؤلف)
(٣) كذا في المصدر ، والصحيح ظاهراً : لا تتحامَ ، من التحامي وهو التهيّب والتورع.