الشريعة السمحاء أكل الجبن بحيث يوجب تركه التجسّس والتفتيش؟ وعلى كلّ فما الموجب لإجفال الرجل العظيم من مستقرّ أمنه على قتب إلى الشام منفى الثائرين على الخليفة؟ وأيّ عقل يقبل تسييره وتعذيبه لتلك الأُمور التافهة؟ نعم : الغريق يتشبّث بكلّ حشيش.
ـ ٤٧ ـ
تسيير الخليفة عبد الرحمن الجمحي
عدّ ممّن سيّره الخليفة عبد الرحمن بن حنبل الجمحي. قال اليعقوبي : سيّر عبد الرحمن صاحب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى القموس (١) من خيبر ، وكان سبب تسييره إيّاه أنّه بلغه كرهه مساوئ ابنه وخاله ، وأنّه هجاه.
وقال العلائي عن مصعب وأبو عمر في الاستيعاب (٢) : إنّه لمّا أعطى عثمان مروان خمسمائة ألف من خمس إفريقية قال عبد الرحمن :
وأحلف بالله جهد اليمين |
|
ما ترك الله أمراً سُدى |
ولكن جُعِلتَ لنا فتنةً |
|
لكي نُبتلى بك أو تُبتلى |
دعوتَ الطريدَ فأدنيته |
|
خلافاً لِما سنّه المصطفى |
وولّيتَ قرباكَ أمرَ العباد |
|
خلافاً لسنّة من قد مضى |
وأعطيت مروان خمس الغنيم |
|
ـآثرته وحميت الحمى |
ومالاً أتاك به الأشعري |
|
من الفيء أعطيته من دنا |
فإنَّ الأمينينِ قد بيّنا |
|
منارَ الطريق عليه الهدى |
__________________
(١) كذا في لفظ اليعقوبي [٢ / ١٧٣] ، وفي الإصابة [٢ / ٣٩٥ رقم ٥١٠٧] : الغموص كما في الأبيات. والصحيح : القموص ، بالقاف المفتوحة وآخره صاد مهملة [وهو جبل بخيبر عليه حصن أبي الحُقيق اليهودي. معجم البلدان : ٤ / ٣٩٨]. (المؤلف)
(٢) الاستيعاب : القسم الثاني / ٨٢٨ رقم ١٤٠١.