الأُمّة ، وذلك قولهم بأفواههم : (وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ ما تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَما يُعْلِنُونَ) (١) (بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ* وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ) (٢).
ـ ٤٣ ـ
مواقف الخليفة مع عمّار
١ ـ أخرج البلاذري في الأنساب (٣) (٥ / ٤٨) بالإسناد من طريق أبي مخنف قال : كان في بيت المال بالمدينة سفط فيه حليّ وجوهر ، فأخذ منه عثمان ما حلّى به بعض أهله فأظهر الناس الطعن عليه في ذلك وكلّموه فيه بكلام شديد حتى أغضبوه ، فخطب فقال : لنأخذنّ حاجتنا من هذا الفيء وإن رغمت أُنوف أقوام. فقال له عليّ : إذاً تُمنع من ذلك ويُحال بينك وبينه. وقال عمّار بن ياسر : أُشهد الله أنّ أنفي أوّل راغم من ذلك. فقال عثمان : أعليّ يا ابن المتكاء (٤) تجترئ؟ خذوه ، فأُخذ ودخل عثمان ودعا به فضربه حتى غُشي عليه ، ثمّ أخرج فحمل حتى أُتي به منزل أُمّ سلمة زوج رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فلم يصلِّ الظهر والعصر والمغرب ، فلمّا أفاق توضّأ وصلّى وقال : الحمد لله ليس هذا أوّل يوم أُوذينا فيه في الله. وقام هشام بن الوليد بن المغيرة المخزومي وكان عمّار حليفاً لبني مخزوم ، فقال : يا عثمان أمّا عليّ فاتّقيته وبني أبيه ، وأمّا نحن فاجترأت علينا وضربت أخانا حتى أشفيتَ به على التلف. أما والله لئن مات لأقتلنّ به رجلاً من بني أُميّة عظيم السُرّة ، فقال عثمان : وإنّك لهاهنا يا ابن القسريّة؟ قال : فإنّهما قسريّتان ـ وكانت أُمّه وجدّته قسريّتين من بجيلة ـ فشتمه عثمان وأمر به فأُخرج ، فأتى أُمّ سلمة فإذا هي قد غضبت لعمّار ، وبلغ عائشة ما صنع بعمّار ، فغضبت وأخرجت شعراً من شعر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وثوباً من ثيابه ونعلاً من نعاله ثمّ قالت : ما أسرع ما تركتم سنّة
__________________
(١) النمل : ٧٤.
(٢) القيامة : ١٤ ـ ١٥.
(٣) أنساب الأشراف : ٦ / ١٦١.
(٤) المتكاء : البظراء ، المفضاة التي لا تمسك البول ، العظيمة البطن. (المؤلف)