وعن الحسن البصري (١) قال : أتت الأنصار عثمان فقالوا : يا أمير المؤمنين ننصر الله مرّتين ، نصرنا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وننصرك. قال : لا حاجة لي في ذلك ارجعوا. قال الحسن : والله لو أرادوا أن يمنعوه بأرديتهم لمنعوه.
أيّ عذر معقول أو مشروع هذا؟ يُقتل خليفة المسلمين في عُقر داره بين ظهراني سبعمائة صحابي عادل وهم ينظرون إليه ، ومحمد بن أبي بكر قابض على لحيته عال بها حتى سمع وقع أضراسه ، وشحطه من البيت إلى باب داره ، وعمرو بن الحمق يثب ويجلس على صدره ، وعمير بن ضابئ يكسر أضلاعه ، وجبينه موجوء بمشقص كنانة بن بشر ، ورأسه مضروس بعمود التجيبي ، والغافقي يضرب فمه بحديد ، وترد عليه طعنة بعد أخرى حتى أثخنته الجراح وبه حياة ، فأرادوا قطع رأسه فألقت زوجتاه بنفسهما عليه ، كلّ هذه بين يدي أولئك المئات العدول أنصار الخليفة غير أنّهم ينتظرون حتى اليوم إلى إذن القتيل وإلاّ كانوا أخرجوهم من أقطار المدينة ، ولو أرادوا أن يمنعوه بأرديتهم لمنعوه!! أين هذه الأُضحوكة من الإسلام والكتاب والسنّة والعقل والعاطفة والمنطق والإجماع والتاريخ الصحيح؟
نظرة في المؤلّفات
إنّ ما سطرناه في عثمان إلى هذا الحدّ أساس ما علّوا عليه بنيان فضله ، وتبرير ساحته عن لوث أفعاله وتروكه ، وتعذيره في النهابير التي ركبها والدفاع عنه ، وقد أوقفناك على الصحيح الثابت ممّا جاء فيه ، وعلى المزيّف الباطل ممّا وضع له ، ومن جنايات المؤرّخين ضربهم الصفح عن الأوّل ، وركونهم إلى الفريق الثاني من الروايات فبنوا ما شادوه على شفا جُرف هارٍ ، فلم يأت بغيرها أيّ عثماني في العقيدة ، أمويّ في النزعة ، ضع يدك على أيّ كتاب لأحدهم في التاريخ والحديث مثل تاريخ الأُمم والملوك للطبري ، والتمهيد للباقلاني ، والكامل لابن الأثير ، والرياض النضرة
__________________
(١) راجع إزالة الخفاء : ٢ / ٢٤٢. (المؤلف)