ومثالب ، وقد اطمأنّ بثبوتها له ، فتحدّث بها في الأندية والمحاشد إعانة على دمه ، فكان ذلك من موجبات قتله ، ولم يزل معترفاً به بعد أن أُسيلت نفسه وأريق دمه.
ـ ٣٠ ـ
حديث محمد بن أبي حذيفة
كان أبو القاسم محمد بن أبي حذيفة العبشمي من أشدّ الناس تأليباً على عثمان ، وذكر البلاذري في الأنساب قال : كان محمد بن أبي بكر بن أبي قحافة ، ومحمد بن أبي حذيفة ، خرجا إلى مصر عام مخرج عبد الله بن سعد بن أبي سرح إليها ، فأظهر محمد ابن أبي حذيفة عيب عثمان والطعن عليه وقال : استعمل عثمان رجلاً أباح رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم دمه يوم الفتح ونزل القرآن بكفره حين قال : سأُنزل مثل ما أنزل الله (١).
وكانت غزاة ذات الصواري في المحرّم سنة أربع وثلاثين وعليها عبد الله بن سعد ، فصلّى بالناس فكبّر ابن أبي حذيفة تكبيرة أفزعه بها ، فقال : لو لا أنّك أحمق لقرّبت بين خطوك ، ولم يزل يبلغه عنه وعن ابن أبي بكر ما يكره ، وجعل ابن أبي حذيفة يقول : يا أهل مصر إنّا خلّفنا الغزو وراءنا ، يعني غزو عثمان.
إنّ محمد بن أبي حذيفة ومحمد بن أبي بكر حين أكثر الناس في أمر عثمان قدما مصر وعليها عبد الله بن سعد بن أبي سرح ، ووافقا بمصر محمد بن طلحة بن عبيد الله وهو مع عبد الله بن سعد ، وإنّ ابن أبي حذيفة شهد صلاة الصبح في صبيحة الليلة التي قدم فيها ففاتته الصلاة فجهر بالقراءة فسمع ابن أبي سرح قراءته فسأل عنه ، فقيل : رجل أبيض وضيء الوجه. فأمر إذا صلّى أن يؤتى به ، فلمّا رآه قال : ما جاء بك إلى بلدي؟ قال : جئت غازياً ، قال : ومن معك؟ قال : محمد بن أبي بكر. فقال : والله
__________________
(١) يعني بذلك عبد الله بن سعد بن أبي سرح وهو صاحب يوم الفتح وفيه نزلت الآية كما مرّ في : ص ٢٨١ من الجزء الثامن. (المؤلف)