قريش ـ وإنّما تطوّلهم على الناس بفضل أهل هذا البيت ـ قد اجتمعوا على نزع سلطان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بعده من أيديهم ، أما وايم الله يا عبد الرحمن لو أجد على قريش أنصاراً لقاتلتهم كقتالي إيّاهم مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يوم بدر. وجرى بينهم من الكلام خطب طويل قد أتينا على ذكره في كتابنا أخبار الزمان في أخبار الشورى والدار.
ومرّ في هذا الجزء (ص ١٧) : أنّ المقداد أحد الجمع الذين كتبوا كتاباً عدّدوا فيه أحداث عثمان وخوّفوه ربّه وأعلموه أنّهم مواثبوه إن لم يقلع. راجع حديث البلاذري (١) المذكور.
قال الأميني : لعلّك تعرف المقداد ومبلغه من العظمة ، ومبوّأه من الدين ، ومثواه من الفضيلة. قال أبو عمر : كان من الفضلاء النجباء الكبار الخيار. هاجر الهجرتين وشهد بدراً والمشاهد كلّها ، أوّل من حارب فارساً في الإسلام. كان فارساً يوم بدر ، ولم يثبت أنّه كان فيها على فرس غيره ، وهو عند القوم أحد السبعة الذين أظهروا الإسلام ، وأحد النجباء الأربعة عشر وزراء رسول الله ورفقائه (٢) سمّاه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أوّاباً ، كما في حديث أخرجه أبو عمر في الاستيعاب.
وأنّى يسع للباحث أن يستكنه ما لهذا الصحابيّ العظيم من الفضائل ، أو يدرك شأوه وبين يديه قول رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في الثناء عليه : «إنّ الله أمرني بحبّ أربعة ، وأخبرني أنّه يحبّهم : عليّ ، والمقداد ، وأبو ذر ، وسلمان» (٣).
__________________
(١) أنساب الأشراف : ٦ / ١٦٢.
(٢) مستدرك الحاكم : ٣ / ٣٤٨ ، ٣٤٩ [٣ / ٣٩١ ح ٥٤٨٤ و ٣٩٢ ح ٥٤٨٧] ، الاستيعاب : ١ / ٢٨٩ [القسم الرابع / ١٤٨١ رقم ٢٥٦١] ، أُسد الغابة : ٤ / ٤١٠ [٥ / ٢٥١ رقم ٥٠٦٩] ، الإصابة : ٣ / ٤٥٥ [رقم ٨١٨٣]. (المؤلف)
(٣) أخرجه الترمذي في جامعه [٥ / ٥٩٤ ح ٣٧١٨] ، وأبو عمر في الاستيعاب : ١ / ٢٩٠ [القسم الرابع / ١٤٨٢ رقم ٢٥٦١] ، وذكره ابن الأثير في أُسد الغابة : ٤ / ٤١٠ [٥ / ٢٥٢ رقم ٥٠٦٩] ، وابن حجر في الإصابة : ٣ / ٤٥٥ [رقم ٨١٨٣]. (المؤلف)