وقدم ابن مسعود المدينة وعثمان يخطب على منبر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فلمّا رآه قال : ألا إنّه قد قدمت عليكم دُويبة سوء ، من يمشي على طعامه يقيء ويسلح ، فقال ابن مسعود : لست كذلك ولكنّي صاحب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يوم بدر ويوم بيعة الرضوان. ونادت عائشة : أي عثمان أتقول هذا لصاحب رسول الله؟ ثمّ أمر عثمان به فأُخرج من المسجد إخراجاً عنيفاً ، وضرب به عبد الله بن زمعة (١) الأرض ، ويقال : بل احتمله ـ يحموم ـ غلام عثمان ورجلاه تختلفان على عنقه حتى ضرب به الأرض فدُقّ ضلعه ، فقال عليّ : «يا عثمان ـ أتفعل هذا بصاحب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بقول الوليد ابن عقبة؟» فقال : ما بقول الوليد فعلت هذا ولكن وجّهت زُبيد بن الصلت الكندي إلى الكوفة فقال له ابن مسعود فقال عليّ : «أحلت عن زبيد على : إنّ دم عثمان حلال ، غير ثقة».
وفي لفظ الواقدي : إنّ ابن مسعود لمّا استقدم المدينة دخلها ليلة جمعة ، فلمّا علم عثمان بدخوله قال : يا أيّها الناس إنّه قد طرقكم الليلة دويبة ؛ من يمشي على طعامه يقيء ويسلح ، فقال ابن مسعود : لست كذلك ولكنّني صاحب رسول الله يوم بدر ، وصاحبه يوم بيعة الرضوان ، وصاحبه يوم الخندق ، وصاحبه يوم حنين. قال : وصاحت عائشة : يا عثمان أتقول هذا لصاحب رسول الله؟ فقال عثمان : اسكتي .. ثمّ قال لعبد الله بن زمعة : أخرجه إخراجاً عنيفاً ، فأخذه ابن زمعة فاحتمله حتى جاء به باب المسجد فضرب به الأرض فكسر ضلعاً من أضلاعه ، فقال ابن مسعود : قتلني ابن زمعة الكافر بأمر عثمان.
قال البلاذري (٢) : وقام عليّ بأمر ابن مسعود حتى أتى به منزله ، فأقام ابن مسعود بالمدينة لا يأذن له عثمان في الخروج منها إلى ناحية من النواحي ، وأراد حين
__________________
(١) هو عبد الله بن زمعة بن الأسود القرشي الأسدي ، قُتل مع عثمان يوم الدار.
(٢) أنساب الأشراف : ٦ / ١٤٧.