عتاب فقالوا : يا أُمّ المؤمنين لو أقمت فإنّ أمير المؤمنين على ما ترين محصور ومقامك ممّا يدفع الله به عنه. فقالت : قد حلبتُ ظهري ، وعرّيتُ غرائري ، ولست أقدر على المقام. فأعادوا عليها الكلام ، فأعادت عليهم مثل ما قالت لهم ، فقام مروان وهو يقول :
وحرَّق قيسٌ عليَّ البلا |
|
د حتى إذا استعرت أجذما (١) |
فقالت عائشة : أيّها المتمثّل عليّ بالأشعار وددتُ والله أنّك وصاحبك هذا الذي يعنيك أمره في رجل كلّ واحد منكما رحاً وأنّكما في البحر ، وخرجت إلى مكة.
وفي لفظ البلاذري (٢) : لمّا اشتدّ الأمر على عثمان أمر مروان بن الحكم وعبد الرحمن بن عتاب بن أسيد فأتيا عائشة وهي تريد الحجّ ، فقالا لها : لو أقمتِ فلعلّ الله يدفع بك عن هذا الرجل : فقالت : قد قرنت ركابي وأوجبت الحجّ على نفسي ، وو الله لا أفعل. فنهض مروان وصاحبه ، ومروان يقول :
وحرَّق قيسٌ عليَّ البلا |
|
د حتى إذا اضطرمت أجذما |
فقالت عائشة : يا مروان وددت والله أنّه في غرارة (٣) من غرائري هذه وأنّي طوّقت حمله حتى أُلقيه في البحر.
٢ ـ مرّ عبد الله بن عبّاس بعائشة وقد ولاّه عثمان الموسم وهي بمنزل من منازل طريقها ، فقالت : يا بن عبّاس ، إنّ الله قد آتاك عقلاً وفهماً وبياناً فإيّاك أن تردّ الناس عن هذا الطاغية. أخرجه البلاذري (٤).
__________________
(١) البيت للربيع بن زياد بن عبد الله العبسي ، شاعر جاهلي. كان له اتصال بالنعمان بن المنذر ، توفّي سنة (٣٠ قبل الهجرة) راجع لسان العرب : ٢ / ٢٢٤ وفيه : إذا اضطرمت ، الأعلام : ٣ / ١٤.
(٢) أنساب الأشراف : ٦ / ١٩٢.
(٣) الغرارة بكسر المعجمة : الجوالق [وهو وعاء من الأوعية معروف عند العرب]. (المؤلف)
(٤) أنساب الأشراف : ٦ / ١٩٣.