وفي لفظ الطبري (١) : خرج ابن عبّاس فمرّ بعائشة في الصلصل (٢) فقالت : يا بن عبّاس أنشدك الله ـ فإنّك قد أُعطيت لساناً إزعيلا (٣) ـ أن تخذّل عن هذا الرجل وأن تشكّك فيه الناس ؛ فقد بانت لهم بصائرهم وأنهجت ورفعت لهم المنار وتحلّبوا من البلدان لأمر قد جمّ ، وقد رأيت طلحة بن عبيد الله قد اتّخذ على بيوت الأموال والخزائن مفاتيح ، فإن يل يَسِرْ بسيرة ابن عمّه أبي بكر رضى الله عنه. قال : قلت : يا أُمّه لو حدث بالرجل حدث ما فزع الناس إلاّ إلى صاحبنا. فقالت : أيهاً عنك إنّي لستُ أريد مكابرتك ولا مجادلتك. وحكاه ابن أبي الحديد عن تاريخ الطبري في شرح النهج (٤) غير أنّ فيه : فقالت : يا بن عبّاس أنشدك الله فإنّك قد أُعطيت فهماً ولساناً وعقلاً أن لا تخذّل الناس عن طلحة فقد بانت لهم بصائرهم في عثمان ، وأنهجت ورفعت لهم المنابر وتجلّبوا من البلدان لأمر عظيم قد حمّ ، وأنّ طلحة قد اتخذ رجالاً على بيوت الأموال ، وأخذ مفاتيح الخزائن ، وأظنّه يسير إن شاء الله بسيرة ابن عمّه أبي بكر. الحديث.
٣ ـ كانت عائشة وأُمّ سلمة حَجّتا ذلك العام ـ عام قتل عثمان ـ وكانت عائشة تؤلّب على عثمان ، فلمّا بلغها أمره وهي بمكة أمرت بقبّتها فضربت في المسجد الحرام ، وقالت : إنّي أرى عثمان سيشأم قومه كما شأم أبو سفيان قومه يوم بدر. رواه البلاذري (٥).
٤ ـ أخرج عمر بن شبّة من طريق عبيد بن عمرو القرشي قال : خرجت عائشة وعثمان محصور ، فقدم عليها مكة رجل يقال له أخضر ، فقالت : ما صنع
__________________
(١) تاريخ الأُمم والملوك : ٤ / ٤٠٧ حوادث سنة ٣٥ ه.
(٢) صُلصُل بالضم والتكرير : موضع بنواحي المدينة على سبعة أميال منها [معجم البلدان : ٣ / ٤٢١]. (المؤلف)
(٣) الإزعيل : الذلق.
(٤) شرح نهج البلاغة : ١٠ / ٦ خطبة ١٧٥.
(٥) أنساب الأشراف : ٦ / ٢١٢.