النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وبعد وفاته ، وكان كثير الإنفاق ، في نهاية الجود والسماحة والبذل في القريب والبعيد (١) وأنزل الله فيه : (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ ما أَنْفَقُوا مَنًّا وَلا أَذىً لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (٢) وقوله تعالى : (أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَقائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ) (٣). وقوله تعالى : (رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ) (٤).
وكان يخطب الناس وعليه إزار غليظ عدنيّ ثمنه أربعة دراهم (٥) وكان يطعم الناس طعام الإمارة ويدخل بيته يأكل الخلّ والزيت. قال الحسن البصري : دخلت المسجد فإذا أنا بعثمان متّكئاً على ردائه فأتاه سقّاءان يختصمان إليه فقضى بينهما ، وعن عبد الله بن شدّاد قال : رأيت عثمان رضى الله عنه يوم الجمعة وهو يومئذٍ أمير المؤمنين وعليه ثوب قيمته أربعة دراهم. وسئل الحسن البصري ما كان رداء عثمان؟ قال : كان قطرياً. قالوا : كم ثمنه؟ قال : ثمانية دراهم. وكان رضى الله عنه شديد التواضع ، قال الحسن البصري : رأيت عثمان وهو أمير المؤمنين نائماً في المسجد ورداؤه تحت رأسه فيجيء الرجل فيجلس إليه ، ثمّ يجيء الرجل فيجلس إليه ، فيجلس هو كأنّه أحدهم ، وروى خيثمة قال : رأيت عثمان نائماً في المسجد في ملحفة ليس حوله أحد وهو أمير المؤمنين ، وفي رواية أخرى لخيثمة أيضاً : رأيت عثمان يقيل في المسجد ويقوم وأثر الحصاة في جنبه فيقول الناس : يا أمير المؤمنين ، وكان يلي وضوءه في الليل بنفسه
__________________
(١) إلاّ من كان يمتّ للبيت الهاشمي ويحمل ولاء العترة كأبي ذر وعمار وابن مسعود ونظرائهم. (المؤلف)
(٢) مرّ في الجزء الثامن : ص ٥٧ بطلان هذا التقوّل على الله. (المؤلف)
(٣) أسلفنا في هذا الجزء في ترجمة عمّار القول الصحيح في نزول الآية. (المؤلف)
(٤) مرّ في الجزء الثاني : ص ٥١ نزولها في عليّ وحمزة وعبيدة بن الحرث. وأخرج البخاري في صحيحه في التفسير : ٧ / ٩١ [٤ / ١٧٩٥ ح ٤٥٠٥] نزولها في أنس بن النضر ، وذكر ابن حجر نزولها في جماعة ولم يذكر فيهم عثمان ، راجع فتح الباري : ٨ / ٤٢٠ [٨ / ٥١٨]. (المؤلف)
(٥) راجع ما رويناه في الجزء الثامن : ص ٢٨٥. (المؤلف)