فقيل له : لو أمرت بعض الخدم لكفوك ، قال : لا ، الليل لهم يستريحون فيه ، وكان رضى الله عنه يعتق في كلّ جمعة رقبة منذ أسلم إلاّ أن لا يجد ذلك تلك الجمعة فيجمعها في الجمعة الأخرى.
قال العلاّمة ابن حجر في الصواعق (١) : إنّ جملة ما أعتقه عثمان رضى الله عنه ألفان وأربعمائة. ومن تواضعه : أنّه كان يردف غلامه خلفه أيّام خلافته ولا يعيب ذلك ، وكان يصوم النهار ويقوم الليل إلاّ هجعة من أوّله ، وكان يختم القرآن كلّ ليلة في صلاته ، وكان كثيراً ما يختمه في ركعة ، وكان إذا مرّ على المقبرة يبكي حتى تبتلّ لحيته ، وكان من العشرة المبشّرين بالجنّة ، ومن أصحاب النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم توفّي وهو عنهم راض ، وكان من السابقين للإسلام ، فإنّه أسلم بعد أبي بكر وعليّ وزيد بن حارثة ، وشهد له النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بالجنّة والزهد في الدنيا ، فقد صحّ عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : رحمك الله يا عثمان ما أصبت من الدنيا ولا أصابت منك (٢). وكثرت الفتوحات في زمن خلافته فقد فتح في زمنه إفريقية وسواحل الأردن وسواحل الروم وإصطخر وفارس وطبرستان وسجستان وغير ذلك ، وكثرت أموال الصحابة في خلافته حتى بيعت جارية بوزنها ، وفرس بمائة ألف ، ونخلة بألف ، وعن الحسن البصري قال : كانت الأرزاق في زمن عثمان وافرة وكان الخير كثيراً ، وأصاب الناس مجاعة في غزوة تبوك فاشترى طعاماً يصلح العسكر.
وأخرج أبو يعلى (٣) ، عن جابر عن النبيّ ، صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : عثمان في الجنّة ، وقال : لكلّ نبيّ خليل في الجنّة وإنّ خليلي عثمان بن عفان. وفي رواية : لكلّ نبيٍّ رفيق في
__________________
(١) الصواعق المحرقة : ص ١١٢.
(٢) هل تؤيّد هذه الصحيحة المزعومة وما قبلها سيرة الرجل؟ (ما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ) [الزخرف : ٢٠]. (المؤلف)
(٣) مسند أبي يعلى : ٢ / ٢٨ ح ٦٦٥.