إليّ أن أعزل عمّالي وأن أرجع عن جميع ما يكرهون إلى ما يحبّون فاجتهدوا رأيكم وأشيروا عليّ.
فقال له عبد الله بن عامر : رأيي لك يا أمير المؤمنين أن تأمرهم بجهاد يشغلهم عنك وأن تجمّرهم في المغازي حتى يذلّوا لك ، فلا يكون همّة أحدهم إلاّ نفسه وما هو فيه من دبرة دابته وقمل فروه.
ثمّ أقبل عثمان على سعيد بن العاص فقال له : ما رأيك؟ قال : يا أمير المؤمنين إن كنت تريد رأينا فاحسم عنك الداء واقطع عنك الذي تخاف ، واعمل برأيي تصب. قال : وما هو؟ قال : إنّ لكلّ قوم قادة متى تهلك يتفرّقوا ولا يجتمع لهم أمر. فقال عثمان : إنّ هذا الرأي لو لا ما فيه.
ثمّ أقبل على معاوية فقال : ما رأيك؟ قال : أرى لك يا أمير المؤمنين أن تردّ عمّالك على الكفاية لما قبلهم وأنا ضامن لك قبلي.
ثمّ أقبل على عبد الله بن سعد فقال : ما رأيك؟ قال : أرى يا أمير المؤمنين أنّ الناس أهل طمع فأعطهم من هذا المال تعطف عليك قلوبهم.
ثمّ أقبل على عمرو بن العاص فقال له : ما رأيك؟ قال : أرى أنّك قد ركبت الناس بما يكرهون فاعتزم أن تعتدل ، فإن أبيت فاعتزم أن تعتزل ، فإن أبيت فاعتزم عزماً وامض قدماً.
فقال عثمان : مالك قمل فروك؟ أهذا الجدّ منك؟ فأسكت عنه دهراً ، حتى إذا تفرّق القوم قال عمرو : لا والله يا أمير المؤمنين لأنت أعزّ عليّ من ذلك ، ولكن قد علمت أن سيبلغ الناس قول كلّ رجل منّا فأردت أن يبلغهم قولي فيثقوا بي فأقود إليك خيراً أو أدفع عنك شرّا.
فردّ عثمان عمّاله على أعمالهم وأمرهم بالتضييق على من قبلهم وأمرهم