بتجمير (١) الناس في البعوث ، وعزم على تحريم أعطياتهم ليطيعوه ويحتاجوا إليه (٢).
وقال البلاذري في الأنساب (٣) (٥ / ٥٧) : قال أبو مخنف لوط بن يحيى وغيره : كان عامر بن [عبد] قيس التميمي يُنكر على عثمان أمره وسيرته ، فكتب حُمران بن أبان مولى عثمان إلى عثمان بخبره ، فكتب عثمان إلى عبد الله بن عامر بن كريز في حمله فحمله ، فلمّا قدم عليه فرآه وقد أعظم الناس إشخاصه وإزعاجه عن بلده لعبادته وزهده ، ألطفه وأكرمه وردّه إلى البصرة.
وروى ابن المبارك في الزهد من طريق بلال بن سعد أنّ عامر بن عبد قيس وُشِي به إلى عثمان ، فأمر أن يُنفى إلى الشام على قتب ، فأنزله معاوية الخضراء وبعث إليه بجارية وأمرها أن تعلمه ما حاله ، فكان يقوم الليل كلّه ويخرج من السحر فلا يعود إلاّ بعد العتمة ، ولا يتناول من طعام معاوية شيئاً ، كان يجيء معه بكسر فيجعلها في ماء فيأكلها ويشرب من ذلك الماء ، فكتب معاوية إلى عثمان بحاله فأمره أن يصله ويدنيه فقال : لا أرب لي في ذلك. الإصابة لابن حجر (٣ / ٨٥).
وذكر (٤) ابن قتيبة في المعارف (ص ٨٤ و ١٩٤) ، وابن عبد ربّه في العقد الفريد (٢ / ٢٦١) ، والراغب في المحاضرات (٢ / ٢١٢) جملة ممّا نُقم به على عثمان وعدّوا منه : أنّه سيّر عامر بن عبد قيس من البصرة إلى الشام ، وقال ابن قتيبة : كان خيّراً فاضلاً.
قال الأميني : منظر غريب لعمرك في ذلك اليوم ، أليس من المستغرب أنّ صلحاء البلاد مضطهدون فيه على بكرة أبيهم؟ فمن راسف تحت نير الاضطهاد ، ومن معتقل في غيابة الجبّ ، ومن مغترب يجفل به من منفى إلى منفى ، ومن منقطع عن
__________________
(١) تجمير الجيش : جمعهم في الثغور وحبسهم عن العود إلى أهليهم.
(٢) أنساب البلاذري : ٥ / ٤٣ [٦ / ١٥٦] ، تاريخ الطبري : ٥ / ٩٤ [٤ / ٣٣٣ حوادث سنة ٣٤ ه] ، الكامل لابن الأثير : ٣ / ٩٢ [٢ / ٢٧٥ حوادث سنة ٣٤ ه] ، تاريخ ابن خلدون : ٢ / ٣٩٠ [٢ / ٥٩٢]. (المؤلف)
(٣) أنساب الأشراف : ٦ / ١٧٢.
(٤) المعارف : ص ١٩٥ و ٤٣٦ ، العقد الفريد : ٤ / ١٠٣ ، محاضرات الأُدباء : ٢ / ٤٧٦.