ونحن وضعنا أمامك صحائف من كتب أعمال هؤلاء المعصومين التي قضوا (١) أكثرها على العادات الجاهليّة ، وأوقفناك على أنّ ما طابق منها عهد الإسلام ممّا لا يمكن أن يكون صاحبه عادلاً فضلاً عن أن يُعدّ معصوماً ، وهاهنا لا نحاول أكثر من لفت نظر القارئ إلى تلكم الصحائف من غير توسّع نكرّره ، ففيما سبق في الجزء السادس والسابع والثامن من الطامّات والجنايات والأحداث والشنائع والفظائع وممّا لا تقرّره طقوس الإسلام ويشذّ عن سنن الكتاب والسنّة غنى وكفاية.
وأمّا ما استنتجه التفتازاني من الإجماعين فمن أفحش أغلاطه :
أمّا أوّلاً : فلمنع الإجماع في كلّ من الثلاثة ؛ فإنّ خلافة أبي بكر إنّما تمّت بعد وصمات سودّت صحيفة تاريخه ، وأبقت على الأُمّة عاراً إلى منصرم الدنيا ، لا تُنسى قطّ بمرّ الجديدين وكرّ الملوين ، إنّما تمّت ببيعة رجل أو رجلين أو خمسة ، ومن هنا حسبوا أنّ الخلافة تنعقد برجل أو رجلين أو خمسة (٢) مع تقاعد جمع كثير عنها من عمد الصحابة وأعيانهم ، كما فصّلناه في الجزء السابع (ص ٩٣) ثمّ لم يجمعهم مع القوم إلاّ الترعيد والترعيب ومحاشد الرجال وبروق الصوارم وكان من حشدهم اللهام رجال من الجنّ رموا سعد بن عبادة أمير الخزرج.
وأمّا خلافة عمر فكانت بالنصّ من أبي بكر مع إنكار الصحابة عليه ونقدهم إيّاه بذلك ، وكم أُناسٍ كانوا يشاركون طلحة في قوله لأبي بكر : ما تقول لربّك وقد ولّيت علينا فظّا غليظاً (٣).
وأمّا عثمان فنصبته الشورى على هنات بين رجال الشورى ، وعقد له
__________________
(١) أي : ارتكبوا.
(٢) راجع ما مرّ في الجزء السابع : ص ١٤١ ـ ١٤٣. (المؤلف)
(٣) مرّت كلمته في : ٧ / ١٥٢. وراجع الرياض النضرة : ١ / ١٨١ / [١ / ٢٢٤] ، كنز العمّال : ٦ / ٣٢٤ [٥ / ٦٧٨ ح ١٤١٧٨ و ١٤١٧٩]. (المؤلف)