فاطمة بنت شريك الأنصاريّة من بُلَيّ (١) ـ وهي أمّ (٢) إبراهيم بن عربي الكناني الذي كان عبد الملك بن مروان ولاّه اليمامة ، وهي التي كانت ربّت مروان ـ فقامت على رأسه ثمّ أمرت به فحمل ، وأُدخل بيتاً فيه كُنّة (٣) وشدّ عامر بن بكير الكناني وهو بدري على سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية فضربة بالسيف على رأسه ، وقامت نائلة بنت الفرافصة على رأسه ثمّ احتملته فأدخلته بيتاً وأغلقت بابه (٤).
وفي رواية الطبري (٥) من طريق أبي حفصة مولى مروان : لمّا حُصر عثمان رضى الله عنه شمّرت معه بنو أُميّة ، ودخل معه مروان الدار ، فكنت معه في الدار ، فأنا والله أنشبتُ القتال بين الناس ، رميت من فوق الدار رجلاً من أسلم فقتلته ، وهو نيار الأسلمي فنشب القتال ، ثمّ نزلت فاقتتل الناس على الباب ، فأرسلوا إلى عثمان أن أمكنّا من قاتله. قال : والله ما أعرف له قاتلاً ، فباتوا ينحرفون علينا ليلة الجمعة بمثل النيران ، فلمّا أصبحوا غدوا ، فأوّل من طلع علينا كنانة بن عتاب في يده شعلة من نار على ظهر سطوحنا ، قد فتح له من دار آل حزم ، ثمّ دخلت الشعل على أثره تُنضح بالنفط فقاتلناهم ساعة على الخشب وقد اضطرم الخشب ، فأسمع عثمان يقول لأصحابه : ما بعد الحريق شيء ، قد احترق الخشب واحترقت الأبواب ، ومن كانت لي عليه طاعة فليمسك داره ، ثم قال لمروان : اجلس فلا تخرج. فعصاه مروان ، فقال : والله لا تُقتل ولا يُخلص إليك وأنا أسمع الصوت ، ثمّ خرج إلى الناس ، فقلت : ما لمولاي مُتّرك. فخرجت معه أذبّ عنه ونحن قليل ، فأسمع مروان يقول :
__________________
(١) بُلَي : تلّ قصير أسفل حاذة ـ موضع بنجد ـ بينها وبين ذات عرق. معجم البلدان : ١ / ٤٩٤.
(٢) كذا في أنساب الأشراف : ٦ / ١٩٨. راجع تعليقتنا في هامش صفحة ٢٧٥.
(٣) كُنّة بالضم : جناح يخرج من الحائط. والسقيفة تشرع فوق باب الدار. وقيل : هو مخدع أو رفّ يشرع في البيت. (المؤلف)
(٤) الأنساب : ٥ / ٧٨ ـ ٨١ [٦ / ١٩٧ ـ ١٩٩]. (المؤلف)
(٥) تاريخ الأُمم والملوك : ٤ / ٣٧٩ حوادث سنة ٣٥ ه.