في قتل أهل بيت الصفوة وإبادة نسله ، واستئصال شأفته ، وسبي حرمه ، وقتل أنصاره ، وكسر منبره ، وإخفاء دينه ، وقطع ذكره. إنّا لله وإنّا إليه راجعون.
وسل عنها أمير المؤمنين يوم لاذ بقبر أخيه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو يبكي ويقول : «يا ابن أُمّ إنّ القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني» (١).
إلى غير هذه من دلائل كون أبي بكر أرحم الأُمّة.
وأمّا كون عمر أشدّهم في الدين فمن جليّة الواضحات أنّ الشدّة في الدين ليست هي الفظاظة والغلظة فحسب ، وإنّما هي التهالك في التمسّك بعروتي الكتاب والسنّة والعمل بهما والأخذ والقيام بما جاء فيهما من الحدود ، وما أكثر ما خالفهما الرجل ونبذهما وراء ظهره واتّخذ برأيه الشاذّ عنهما! ودع عنك ما جهله منهما. وما قيمة شدّة بلا علم؟ وما مقدار شدّة مع التنكبّ عن أساسيّات الدين ، مع الخروج عن طقوس الإسلام ، مع التمسّك بالأهواء والشهوات؟ راجع نوادر الأثر في علم عمر من الجزء السادس (ص ٨٣ ـ ٣٣٣) فإنّك تجد هنالك شواهد قويّة على إثبات هذه الصفة فاقرأها وتبصّر.
وأمّا كون عثمان أصدقهم حياءً فيكفي دلالة عليه الجزء الثامن والتاسع من هذا الكتاب ، وكلّ صحيفة منهما آية من آيات صفته تلك ، مضافاً إلى ما سردناه في هذه الجزء (ص ٢٧٤ ـ ٢٩٢) من البحث الخاصّ في حيائه.
وأمّا الثلاثة الباقون ؛ فلا نطيل البحث عن إثبات ما ذكر لهم ، ففيه تضييع للوقت وشغل عمّا هو أهمّ من ذلك ، ومن سبر كتابنا هذا عرف أعلم الأُمّة وأفرضها وأمينها وعلم أنّه غيرهم ، فلا يدنّس ساحة الأُمّة بأمثال المذكورين ، ولا يُخاف عليه ممّا كان يخاف النبيّ الأقدس صلىاللهعليهوآلهوسلم على أُمّته كما جاء عنه : «أخاف على أُمّتي من
__________________
(١) راجع الجزء السابع : ص ٧٨. (المؤلف)